تجلس فاطمة حسين، المصابة منذ ثماني سنوات بالفشل الكلوي، ساعات طويلة ومتتالية على سرير جهاز غسيل الكلى، كغيرها من المرضى، وقد بدت أعراض التعب الشديد والألم الكبير، جرّاء نفاد هرمون «إريثروبويتين» (Erythropoietin) المستخدم في علاج فقر الدم.
تقول حسين (56 سنة)، لـ«الأخبار»، إنه «منذ عدة أشهر أخبرنا الأطباء في مستشفى الشفاء بوجود نقص في كمية هذا الهرمون، وأكدوا لنا أنهم سيستبدلون هذا النقص بنقل الدم كبديل، وهي عملية مؤلمة للغاية وتستغرق وقتاً طويلاً». تضيف: «إنني مقبلة على عملية زراعة كلى، لكن نقص الهرمون يفاقم معاناتي وسيمنعني من إجراء العملية، وسيجبرني بلا شك على استبداله بوحدات دم خارجية جديدة وهذا يشكل خطراً على حياتي». وتصف عملية غسيل الكلى، التي تجريها ثلاث مرات أسبوعياً، بالمرهقة والقاسية، إذ تمتد الجلسة الواحدة لنحو أربع ساعات، تصاب خلالها وبعدها بالدوار المستمر والهزال.

تقلّصت حقن «إريثروبويتين» الخاصة بتقوية الدم لمرضى الفشل الكلوي في مستودعات الأدوية لوزارة الصحة الفلسطينية في غزة منذ شهرين، وبلغ منسوب تداوله في صيدليات المستشفيات صفراً فعلياً، فلا وجود لأي حقنة على مستوى مستشفيات القطاع.

انقطاع متكرّر للهرمون
أمّا حال المريضة رنا العشي، التي تتردّد على قسم غسيل الكلى في مستشفى الشفاء منذ خمسة أعوام، وهي أم لثلاثة أطفال، فتحتاج لنفس الحقنة. تقول العشي (40 سنة): «كنت أحصل على حقنة واحدة أسبوعياً فقط بعد عملية الغسل بسبب انقطاعها المتكرر، ومن المفترض الحصول على ثلاث حقن أسبوعياً». تضيف: «عدم توافر هرمون تقوية الدم يهدد حياة مرضى الكلى ويجعلهم ينتظرون الموت في أي لحظة، فهو مسؤول عن رفع نسبة الدم بعد عملية الغسل التي تسحب كمّية كبيرة من الدم». تناشد العشي المعنيين كافة ضرورة توفير الأدوية والعلاج اللازم من أجل إنقاذ حياة مرضى الكلى في ظل الحصار الإسرائيلي المفروض على القطاع منذ أكثر من 15 عاماً.

مضاعفات خطيرة
بدوره، يلفت رئيس قسم أمراض وزراعة الكلى في مجمع الشفاء الطبي عبدالله القيشاوي، إلى أن «هذه الحقن مسؤولة عن الحفاظ على مستوى الدم بالنسبة لهؤلاء المرضى، بالتالي نقصه يؤدي إلى أنيميا، أي ضعف في الدم، وهذا تترتب عليه مشكلات أخرى ومضاعفات خطيرة، منها ضعف في عضلات القلب، ومن الممكن أن تؤدّي إلى فشل في عضلات القلب بالإضافة إلى التعب والهزال».

وفي تصريح صحافي، أوضح القيشاوي بأن هناك الكثير من المرضى سيزرعون كلى «بالتالي فإن نقص هذا الدواء من الممكن أن يؤدي إلى تعطيل العملية، لأنهم يحتاجون إلى نقل وحدات الدم، ونقل الوحدات يمكن أن يؤدي إلى تكوين أجسام مضادة قد تهاجم الكلية المزروعة».

10 آلاف جرعة شهرياً
في السياق ذاته، يشير مدير دائرة الصيدلة في مستشفيات وزارة الصحة بغزة علاء حلس، إلى أن مرضى الكلى في القطاع بحاجة ماسة إلى نحو 10 آلاف جرعة شهرية من الهرمون، 8 آلاف منها مخصصة لمرضى الديلزة الدموية، وألفان لمرضى الفشل الكلوي. ويحذّر حلس من مضاعفات خطيرة تتهدّد مرضى الكلى المزمنين في القطاع غزة، بسبب وجود نقص حاد في حقن «إريثروبويتين».