المئات من سائقي الشاحنات من فلسطينيي الـ48 لم يصلوا لعملهم خلال العدوان الأخير على غزة . أمّا السبب، فهو الاحتجاجات التي اندلعت في الأراضي المحتلة. ونتيجة لذلك، «لحق بقدرات الجيش العملياتية أضراراً خطيرة»، وأهمها أن الجيش «لم يتمكن من قصف أنفاق حماس والقضاء على مئات من مقاتليها». ولكن ما دخل السائقين العرب؟بسبب العدوان الأخير على قطاع غزة والاعتداءات على حي الشيخ جرّاح وسلوان والمسجد الأقصى، ومحاولات السيطرة على باب العامود ومن ثم اعتداءات الشرطة والمستوطنين على فلسطينيي الـ48، أعلن سكان هذه المناطق إضراباً عاماً. وفي خلال ذلك، التزم سائقو الشاحنات العرب بالإضراب، الأمر الذي سبّب ضرراً خطيراً بالنسبة لجيش العدو؛ إذ أنه وخلال عملهم، من المفترض أن ينقلوا العتاد العسكري وآليات الجند وحتى الدبابات، وأيضاً قيادة الحافلات التي تقلّ الجنود.
وفق تقرير لصحيفة «يديعوت احرونوت» نُشر أيضاً في «واينت»، الموقع التابع للصحيفة، فإن «جزء كبير من السائقين العاملين في شركات ومصانع عتاد ونقل الآليات العسكرية، هم من العرب. هؤلاء لم يصلوا لعملهم خلال الإضراب العام، بينما كان الجيش قد أعلن حالة الطوارئ»، وبحسب المعطيات، فإن «40 سائقاً فقط من أصل 500 وصلوا لعملهم في يوم الاضراب».
على هذه الخلفية، فعّل الجيش الإسرائيلي خطة طوارئ بتجنيد سائقين من وحدات أخرى للمهمات العاجلة، من أجل نقل دبابات وناقلات جند من الجولان السوري المحتل الى قطاع غزة. وأضافت أنه «يسهل التكهن بما سيحصل لو نشبت حرب في الجبهة الشمالية واحتاج الجيش إلى مئات كثيرة أخرى من السائقين أثناء الطوارئ».
وبحسب الصحيفة، فإن رئيس القسم اللوجستي، ايتسيك ترجمان، عرض التحقيق في الموضوع أمام رئيس هيئة أركان الجيش أفيف كوخافي قبل أسبوعين، ومن المفترض أن يجد الجيش حلاً لهذه المسألة.
الملفت أن النقص في السائقين شوّش حملة برية كان من المفترض أن يجريها الجيش، حيث كان الهدف «إدخال مئات من مقاتلي حماس إلى الأنفاق، وعندئذ قصفهم من الجو». لكن هذه العملية، التي كانت سلاحاً استراتيجياً وسرياً، لم ينجح الجيش فيها. إضافة إلى ذلك، فإن الخدعة لم تنطلي على مقاتلي «حماس»، لأن سلاح المشاة لم يدخل إلى القطاع. وهذا ما يبحث فيه الجيش ومن المتوقع أن يعرض خلاصته على كوخافي قريباً.
لم تكن هذه المشكلة مستجدة لدى الجيش؛ إذ أن بحسب الصحيفة، رئيس نقابة النقليات غابي بن هاروش، قد بعث قبل سنتين رسالة إلى مفوّض شكاوي الجنود في الجيش الإسرائيلي يتسحاق بريك، جاء فيها أن «النقص بالقوى البشرية في الجيش يشمل أيضاً النقص الشديد بسائقي المركبات الثقيلة، ولا توجد قدرة لدى القطاع المدني لتوفير كافة مطالب الجيش الإسرائيلي أثناء الطوارئ». وبحسب التقديرات، فإنه يوجد نقص «بـ2000 سائق مركبات ثقيلة لخدمة القطاع المدني، ما يولّد نقصاً في السائقين للجيش وخصوصاً في حالات الطوارئ».
وأوضح بن هاروش أنه «عندما يوجد لدينا نقص في القطاع المدني بالسائقين بصورة عامة، وسائقين يهود بصورة خاصة، فإن ذلك ينعكس سلباً في خلال أي عملية عسكرية، والوضع يزداد خطورة. وإذا نشبت حرب في لبنان، لدفعنا ثمن ذلك بحياة أشخاص كثيرين، وبتزويد الذخيرة والدبابات ونقل الجنود».
وبسبب هذا النقص، فإن رئيس شعبة العمليات في الجيش الإسرائيلي المنتهية ولايته، أهارون حاليفا، كان قد أوصى في وقت سابق بإنشاء «حرس وطني» يستند إلى قوات احتياط كبيرة كانت تخضع للشرطة؛ حيث تتلخص مهمة هؤلاء في المساعدة أثناء الطوارئ في فتح محاور سير في النقب أو شمالي فلسطين المحتلة.
إلى ذلك، نقلت الصحيفة عن ضابط كبير في جيش العدو الإسرائيلي، قوله إن العدوان على غزة كان بمثابة «تنبيه لاستيقاظ الجيش والشرطة والمستوى السياسي من أجل الاستعداد لسيناريو مواجهة خطيرة متعددة الجبهات، وقد تندلع في الجولة المقبلة وتشمل القتال مع حزب الله». وأضاف: «الجيش غير قادر على البقاء من دون سائقي نقل المركبات الثقلية مثل الدبابات أو الحافلات، كما انه مضطر لإبقاء محاور الشمال والجنوب مفتوحة خلال الحرب (لعبور هذه الآليات ونقلها)، وإلا فإن سلاح البر لن يتمكن من تأدية مهمته وهدفه».

اشترك في «الأخبار» على يوتيوب هنا