اختار رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو افتتاح كلمته بالحديث عن زيارته للقاعدة العسكرية لجيش الاحتلال في الجولان المحتل، التي حرص في حينها على تغطيتها من قبل وسائل الإعلام الأجنبية والإسرائيلية، حيث قابل جرحى سوريين أُصيبوا بشظايا قذيفة استطاع نتنياهو أن يحدد مصدر إنتاجها، الذي من الطبيعي أن يكون الجمهورية الإسلامية في إيران، بحسب رئيس الوزراء الإسرائيلي. فلسطينياً، واصل نتنياهو معزوفته بتحميل السلطة الفلسطينية مسؤولية عدم التوصل إلى تسوية شاملة، مؤكداً استعداده لصنع سلام تاريخي. ولتأكيد حسن نياته التسووية، أوضح نتنياهو رؤيته بأن مثل هذا الاتفاق سيسمح لنا بتطوير العلاقات مع دول الخليج التي «تعرف أن إسرائيل ليست عدوة لها».

وفي السياق نفسه، تابع نتنياهو قائلاً إنه يعمل ليل نهار مع وزير الخارجية الأميركية، جون كيري، للتوصل إلى اتفاق سلام، مشدداً على شرطه الذي يطالب السلطة للاعتراف به، وأنه آن الأوان كي يكفّ الفلسطينيون عن إنكار التاريخ ويعترفوا بالدولة اليهودية، لافتاً إلى أن تعبير محمود عباس عن استعداده لإنهاء النزاع، يكون عبر اعترافه بالدولة اليهودية، «ولا مبررات» للامتناع عن ذلك.
وفي ما يتعلق باتفاق الإطار الذي تبلوره الولايات كي يكون أساساً للاتفاق المفترض، شدد نتنياهو على أن «الترتيبات الأمنية هي حاسمة بسبب التغييرات في الشرق الأوسط»، متسائلاً عمّا إذا كان أحد يستطيع أن يقول لي «كيف ستبدو المنطقة بعد عشر سنوات»، ولافتاً إلى «أننا لا نستطيع الاتكاء على الآمال».
وأضاف نتنياهو أنه في حال توصُّل إسرائيل إلى اتفاق مع الفلسطينيين، سيضطر إلى مواجهة هجمات «حماس»، وفي هذه الحالة «لن تكفي قوات أجنبية للمحافظة على السلام، والقوة الوحيدة القادرة للدفاع عن السلام هي الجيش الإسرائيلي». وأعرب نتنياهو عن أمله في أن تقف القيادة الفلسطينية إلى جانب إسرائيل والولايات المتحدة، في الجانب الصحيح من المتراس الأخلاقي.
وتطرق نتنياهو إلى حركة مقاطعة إسرائيل، التي توقع أن تفشل، واصفاً إياها «بالخاطئة من الناحية الأخلاقية، والعنصرية والمخجلة»، ودعا إلى مقاطعة المقاطعين.
أما لجهة القضية النووية، فقد حاول نتنياهو الإيحاء بأن الخطر الإيراني يتجاوز إسرائيل ليشمل الولايات المتحدة، لافتاً إلى أنهم «في طهران لا يصرخون الله يبارك أميركا، بل الموت لأميركا». وانتقد نتنياهو ضمناً السقف الأميركي في المفاوضات مع إيران، بالقول: «لا يكفي منع إيران من الحصول على سلاح نووي، بل ينبغي منعها من تحقيق القدرة على بناء سلاح كهذا»، واختار هذه المرة صياغة تعبير مختلفة لتكرار تعهده بخصوص إيران بالقول: «لن نصل مرة ثانية إلى حافة الإبادة».
أما بخصوص ما تقوم به إسرائيل في المنطقة، فتجاوز نتنياهو القمع والمجازر التي ارتكبتها وترتكبها إسرائيل مع الفلسطينيين، وسابقاً مع اللبنانيين، واصفاً الدولة العبرية بأنها «القوة التي تقوم بأمور جيدة في الشرق الأوسط». أما إيران، فإن الأمور الوحيدة التي ترسلها، بحسب نتنياهو، إلى الخارج هي «الإرهاب والصواريخ». وضمن سياسة الترويج التي يتبعها في اتهام إيران بأنها تسعى إلى صناعة أسلحة نووية، تساءل نتنياهو: «إذا كانت إيران تريد برنامجاً نووياً للغايات السلمية فقط، فلماذا تحتاج إلى المياه الثقيلة؟ وإذا لم تكن تريد سلاحاً نووياً، فلماذا تبني صواريخ عابرة للقارات قادرة على الوصول إلى أميركا؟». وأضاف نتنياهو: «وصلت إلى هنا لرسم خط واضح. أنتم تعلمون أني أحب رسم الخطوط، وخاصة الحمراء، ولكن اليوم أنا أريد أن يوضع خط بين الحياة والموت، وبين الخير والشر، وبين مستقبل جيد في مقابل السلبي الذي كان في الماضي». وأوضح ذلك بالقول: «وقفت بالقرب من هذا الخط عندما زرت المستشفى الميداني في هضبة الجولان، الذي لم يُقَم للإسرائيليين، بل للسوريين».
من جهة أخرى، كان لافتاً جداً التحول الذي طرأ على لهجة الرئيس الأميركي باراك أوباما إزاء نتنياهو، بعد أقل من 24 ساعة على الانتقادات الشديدة التي وجهها إليه قبل وصوله إلى واشنطن، وهو ما انعكس في وسائل الإعلام الإسرائيلية التي أرجعت ذلك إلى عدم رغبة أوباما بالدخول في مواجهة مع نتنياهو، في وقت يشعر فيه بالقلق إزاء ما يحدث في شبه جزيرة القرم، وإمكانية عودة الحرب الباردة بين واشنطن وموسكو. وفي السياق نفسه، توقعت تقارير إعلامية إسرائيلية أن يكون نتنياهو ومستشاروه الذين لم يحبوا تصريحات الرئيس الأميركي، قد وجهوا رسالة بهذه الروح إلى البيت الأبيض قبل اللقاء، الأمر الذي أدى إلى هذا التغيير في لهجة الرئيس الأميركي، الذي كان يتعلق أكثر بالشكل وليس بالمضمون.