لم يمنع الصيام والحرّ الفلسطينيين من الخروج للمشاركة في فعاليات الجمعة الستين من «مسيرات العودة» التي حملت اسم «يوم القدس العالمي». في يومهم الذي حدده مرشد الثورة الإسلامية في إيران، الإمام روح الله الخميني الراحل، في آخر جمعة من كل رمضان، قدّم الفلسطينيون شهيدين في الضفة المحتلة و16 جريحاً في غزة. الشهيد الأول هو يوسف وجيه (18 عاماً) الذي حاول تنفيذ عملية طعن في القدس المحتلة، والثاني الفتى عبد الله غيث (16 عاماً) الذي استشهد وهو في طريقه إلى المسجد الأقصى لأداء آخر صلاة جمعة، حينما كان يقفز عن جدار الفصل في بيت لحم ليتسلل إلى القدس.في غزة، توجه الآلاف إلى الحدود الشرقية للقطاع حيث تواجهوا مع جنود العدو الإسرائيلي، ما أسفر عن إصابة 16 شخصاً بجراح مختلفة. وهنا أكّدت «الهيئة الوطنية العليا لمخيمات مسيرة العودة وكسر الحصار» حق الشعب الفلسطيني في «خيار المقاومة من أجل الدفاع عن الحق الفلسطيني الثابت»، وشدّدت على أنه «لا أحد يستطيع أن يملي على شعبنا حلولاً هابطة»، وأن «الحل الوحيد للقضية الفلسطينية هو جلاء الاحتلال». وقالت الهيئة في بيان، إن «يوم القدس العالمي يوم لتأكيد خيار المقاومة وحق شعبنا ومقاومته في الدفاع عن الحق الفلسطيني الثابت وانتصار لمحور صراع الأمة جمعاء».
في سياق متصل، تتواصل المشاورات السياسية بين القوى الفلسطينية للوصول إلى ميثاق شرف يجرّم «صفقة القرن»، وتشكيل لجنة وطنية موحدة لمواجهة تداعيات الصفقة. ومن المقرر الإعلان رسمياً عنها منتصف الأسبوع المقبل، عقب اجتماع للفصائل غداً للوصول إلى مسودة ختامية بشأنها. المساعي السياسية في غزة تترافق مع مساعٍ فصائلية في لبنان لتشكيل «لجنة وطنية موحدة» تتواصل مع الجانب اللبناني من أجل إطلاق حوار مشترك لإسقاط «صفقة القرن»، ترجمة لدعوة الأمين العام لحزب الله، السيد حسن نصر الله. ووفق المصادر، بدأت المشاورات فعلياً لتشكيل «اللجنة الفلسطينية» التي ستعمل على التواصل مع الجانب اللبناني لإطلاق الحوار، على أن تركز على إسقاط الصفقة ومواجهة تداعياتها في لبنان وحماية دور «الأونروا» ورفض التوطين.
يُعقد في بيروت مؤتمر دولي لمواجهة تداعيات «صفقة القرن» على لبنان


وينعقد في بيروت اليوم اجتماعان تحضرهما شخصيات ورؤساء وأمناء عامون وقادة المؤتمرات والاتحادات والمنظمات الشعبية العربية وذلك يومي السبت والأحد (1 و2 حزيران/ يونيو)، أولها لرفع الحصار عن سوريا، والثاني لمواجهة «صفقة القرن». الاجتماع الذي دعت إليه المؤتمرات الثلاثة (القومي العربي، القومي/ الإسلامي والأحزاب العربية) ومؤسسة «القدس الدولية» قالت الأوساط المعنية إنها «لدراسة سبل مواجهة صفقة القرن قبيل الورشة التحضيرية في البحرين... ستعدّ اللجنة التحضيرية ورقة عمل تتضمن أفكاراً ومواقف واقتراحات وتوصيات».
من جهة أخرى، تستعد السلطة الفلسطينية لعقد اجتماع لـ«المجلس المركزي لمنظمة التحرير» بعد عيد الفطر للشأن نفسه. وتشير مصادر إلى وجود توجه لعقد «المركزي»، لكنه تأخر لانتظار نتائج قمم مكة، لكن من المقرر أن تبدأ مشاورات انعقاده بعد العيد لاستكمال المباحثات مع الجبهتين (الشعبية والديموقراطية) لإقناعهما بالمشاركة في أعمال المجلس. وتربط الجبهتان مشاركتهما بتنفيذ المقررات السابقة للمجلس، التي دعت الى تحديد العلاقة الأمنية والسياسية والعسكرية بين السلطة والعدو الإسرائيلي.
في شأن آخر، أثارت قضية زيادة رواتب وزراء الحكومة الفلسطينية في رام الله، تفاعلاً كبيراً في أوساط الفلسطينيين بالقطاع والضفة، وخاصة مع إعلان الحكومة صرف نصف راتب لموظفيها، وحديثها المتكرر عن التقشف بفعل الضغوط المالية التي تتعرض لها من واشنطن، كما تقول. فجرّاء وثيقة مسربة بين رئيس «هيئة التقاعد والمعاش» في رام الله، ماجد الحلو، لرئيس الحكومة، محمد اشتيه، حول زيادة رواتب الوزراء، ثارت موجة غضب عارمة بين الموظفين الذين يتقاضون 50% من رواتبهم في الضفة، بينما في غزة يتقاضون 50% من نسبة 70% بعد إحالتهم على التقاعد.
لم يلبث اشتيه طويلاً، قبل أن يصدر بياناً عزا فيه الإجراء إلى رئيس الحكومة السابق، رامي الحمد الله، الذي رد بالقول إن هذا القرار جاء بناء على مبادرة شخصية من الوزراء توجهوا بها إلى رئيس السلطة محمود عباس، يطالبون فيها برفع نسبة الرواتب لغلاء المعيشة وقد وافق عليها. تصريح الحمد الله تضمن دعوات الى الوحدة وتجاوز الخلافات، في إشارة ضمنية إلى وجود محاولات لفتح ملفات الرجل بعد إطاحته من «فتح»، وفق ما يتحدث به مقربون منه. وبعد الجدل، قرر عباس تجميد العمل بالقرار، لكنّ مفاعيله انعكست على حكومة اشتيه التي أعلنت التقشف كعنوان لها منذ تسلم مهماتها قبل أشهر قليلة.
إلى ذلك، وصل أعضاء من «مركزية فتح»، يضم روحي فتوح وإسماعيل جبر، إضافة إلى نائب رئيس الوزراء زياد أبو عمرو، إلى قطاع غزة، في زيارة تنظيمية كما قالت مصادر فتحاوية، تهدف إلى إجراء مباحثات مع قيادات الأقاليم في الحركة وخاصة بعد الإشكالات التي أعقبت عدم تنظيم احتفالات انطلاقة الحركة في غزة.