يبدو أن إسرائيل دخلت في مرحلة الاستعداد لتلبية متطلبات المسار الإسرائيلي ـــ السعودي، في الساحة السياسية الداخلية. وبغض النظر عن حقيقة ما سيؤول إليه هذا المسار، وانعكاساته على الساحة الفلسطينية، لم ترد المعلومات عن مساعٍ لرئيس حكومة العدو بنيامين نتنياهو، لضم «حزب العمل» إلى الحكومة، من جهات معارضة له، بل أتت من الصحيفة الأقرب إليه، «إسرائيل اليوم».
تحدثت الصحيفة عن سعي نتنياهو إلى ضم «العمل» إلى ائتلافه الحكومي، والرسالة الأبلغ التي ينطوي عليها هذا المسار أن نتنياهو يُقدِّر أن المرحلة المقبلة المتصلة بمساعي تحريك المفاوضات على المسار الفلسطيني ستهدد حكومته، أو على الأقل أنه سيتعرض لهجمات من داخلها، ما يؤدي إلى اهتزازها والتهديد بإسقاطها.
في المقابل، هو يحاول الالتفاف على هذا السيناريو المرجَّح عبر تعزيز قاعدته البرلمانية، وتحديداً بهدف قطع الطريق على أيِّ مساعٍ مؤكدة من حزب «البيت اليهودي» لوضع العراقيل أمام أي مسار سياسي تطلقه الولايات المتحدة وينطوي على ما يبدو دفع «أثمان فلسطينية»، ولو كانت متواضعة.

يسعى نتنياهو
إلى ضم «حزب العمل» إلى ائتلافه
الحكومي

بعيداً عن حقيقة ما يراهن عليه، وحقيقة توجهاته الفعلية، يحاول نتنياهو توجيه رسالة صريحة إلى الإدارة الأميركية وأنظمة الاعتدال العربي حول عزمه على المضي في عملية التسوية.
ومن أبرز المؤشرات والمصاديق على هذا التوجه، مساعيه إلى ضم حزب التسوية في إسرائيل: «العمل». لكن لا يعني ضم «العمل» بالضرورة أنه سيقرن ذلك بخطوة موازية، عبر إخراج أحد مكوِّنات اليمين المتطرف من الحكومة، بل إن بقاء جناحين متعارضين على يمين نتنياهو ويساره سيمنحه هامشاً واسعاً في المناورة بين الطرفين.
من جهة ثانية، يستطيع مواجهة تهديدات «البيت اليهودي»، وذلك بالاستقالة عبر «حزب العمل» الذي يوفر له دعماً برلمانياً. عندئذ، سيشعر «البيت اليهودي» ورئيسه نفتالي بينت، بأن استقالته لن تؤدي إلى إسقاط الحكومة، بل ستقلص تأثيره في بلورة قراراتها بعدما يصبح خارجها.
مع ذلك، لا يستبعد أن يتخذ بينت، في نهاية المطاف، قراراً بالخروج من الحكومة، في حال سلوك التطورات مساراً يتعارض مع خياراته الأيديولوجية والسياسية، بل قد يهدف من وراء ذلك إلى تقديم نفسه، على خلاف نتنياهو، كزعيم يتمسك بمبادئ معسكر اليمين.
من جهة أخرى، يستطيع رئيس الحكومة مواجهة بعض المطالب والضغوط السياسية المفترضة التي قد تطالبه ببعض التنازلات في المسار الفلسطيني، بوجود اليمين المتطرف في الحكومة وداخل حزبه.
وسط ذلك، تندرج رسالة إدخال «العمل» إلى الحكومة، أو على الأقل المساعي لتحقيق هذا الهدف، ضمن الاستراتيجية التي يعتمدها نتنياهو منذ تولي دونالد ترامب منصب الرئاسة في الولايات المتحدة الأميركية. منذ ذلك الحين، ونتنياهو يؤكد ضرورة تجنب التصادم مع توجهات الإدارة الأميركية، أو ما يؤدي إلى استفزاز ترامب، بل يحاول إظهار استعداداته للمضي في مسيرة التسوية على أمل أن يبدو الطرف الفلسطيني كمن يضع العراقيل أمامها.
في هذا السياق، يُقدر مصدر في حزب «الليكود»، استناداً إلى «إسرائيل اليوم»، أن تنطلق المبادرة السياسية الأميركية في المنطقة مطلع تموز المقبل. ويتزامن إطلاق المبادرة الأميركية مع إجراء «العمل» انتخاباته الداخلية لاختيار زعيم له، وفي حال إعادة انتخاب زعيمه الحالي إسحق هرتسوغ، سيسهل هذا الأمر ضم الحزب إلى الائتلاف الحكومي. أما في حال انتخاب قيادي آخر، فقد يصعِّب ذلك هذه المهمة على نتنياهو. لكن مقربين من هرتسوغ عقّبوا على هذه المعلومات بالقول إنهم لم يتلقوا حتى الآن أي طلب من «الليكود» للانضمام إلى الحكومة.
إلى ذلك، نقلت صحيفة «إسرائيل اليوم» عن مسؤول فلسطيني رفيع في رام الله، تأكيده أن ترامب أوضح للرئيس الفلسطيني محمود عباس، خلال اجتماعهما في رام الله، أنه ينوي قيادة مبادرة سياسية تنطوي على دفع برنامج سلام إسرائيلي ــ سعوديّ قدما في البداية، ثم الانتقال إلى بلورة اتفاق مرحلي يتطرق الجانبان في إطاره إلى سُبل التوصل إلى اتفاق دائم يتيح إقامة دولة فلسطينية مستقلة، وإعلان كلا الجانبين إنهاء الصراع الإسرائيلي – الفلسطيني.