مهدي السيد
تُجمع الأوساط الإسرائيلية على أن زيارة كوندوليزا رايس إلى إسرائيل لم تتمخض عن أي نتيجة تُذكر، سوى المصافحة وتبادل الابتسامات، وأنها كانت معنوية وليست سياسية، مشيرة إلى أن الوزيرة الأميركية لم تمارس أي ضغط على المسؤولين الإسرائيليين لتنفيذ المطالب التي من شأنها تعزيز مكانة رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس

توقفت الصحف الإسرائيلية عند زيارة رايس إلى المنطقة بشكل عام، وعند زيارتها إلى إسرائيل بشكل خاص، وتأثير هذه الزيارة على محور العلاقات الإسرائيلية ــ الفلسطينية. وفيما أبرز المحللون الأهمية الاستراتيجية لزيارة رايس للمنطقة لجهة تشكيل حلف «الدول المعتدلة» في مواجهة إيران، ظهر بشكل واضح أن هذه الزيارة لم تؤدِ إلى أي انطلاقة في العلاقات الإسرائيلية ــ الفلسطينية، ولا سيما على صعيد الخطوات التي يمكنها تعزيز مكانة أبو مازن في مواجهة حماس.
في هذا السياق، قال المحلل السياسي ذو الميول اليمينية في صحيفة «هتسوفيه»، حجاي هوبرمان، إن «البُشرى السارة من زيارة رايس هي أنها لم تُفضِ إلى أي نتيجة خاصة. وعلى رغم أنها طرحت كل المواضيع التي تثير قلق الولايات المتحدة، إلا أنها لم تمارس أي ضغط أميركي على إسرائيل. فرايس أعلنت موقفها، والممثلون الإسرائيليون أوضحوا موقفهم مطلقين شرطاً جديداً وغريباً: عدم نقل أموال الضرائب إلى السلطة الفلسطينية ما دام جلعاد شاليط في الأسر. تصافح الطرفان، تبادلوا الابتسامات، وودّعوا بعضهم بسلام. ولم يحصل أي انطلاقة في أي مجال».
ولفت هوبرمان إلى أن رايس لم تنوِ مطلقاً زيارة إسرائيل، وأنها جاءت إلى المنطقة من أجل عقد لقاء في القاهرة مع وزراء الخارجية العرب لبحث بلورة محور يضم دولاً عربية معتدلة، وأن هذا هو هدف زيارتها، لكنها افترضت، بحسب هوبرمان، أنها في حال وصولها إلى المنطقة من دون أن تزور القدس المحتلة، فسيشعر الأصدقاء في إسرائيل بالإهانة. لذلك جاءت إلى إسرائيل، التقت، تحدثت، ابتسمت وسافرت.
وفي السياق نفسه، اعتبر المحلل السياسي في «هآرتس»، غدعون سامت، أن رايس «قامت بزيارة عدمية في فترة التردّي الأشد خطورة ربما في عهد حكم جورج بوش البائد. وحتى اذا كانت لهذه المرأة الذكية الفِطنة في ما تقترحه، فهي لا تملك الصلاحية والقوة. هي تسير خطوة تلو الاخرى خلف رئيس غير مستعد للاعتراف بحماس ودفع اسرائيل للتفاوض مع الحركة الأكثر ديناميكية في المناطق».
وبحسب سامت، «ففي مأدبة عشاء مع اولمرت، تحدثت رايس عن طرق مواجهة دوار الطيران. كل إدارتها، التي تمر في مرحلة الأفول، غارقة في أمور تافهة. من السخيف أن نتوقع منها مبادرة في المسألة الفلسطينية. ما يشغل هذه الادارة هو محاولة تأليف ائتلاف عربي مناهض لإيران. فقضيتنا التي دفعت واشنطن ذات مرة الى صياغة خريطة الطريق للتسوية، تقزمت الآن لتصبح محصورة في فتح معبر كارني عما قريب».
من جهته، تطرق المحلل والكاتب السياسي في «معاريف»، دان مرغليت، إلى الأهمية الاستراتيجية لزيارة رايس إلى المنطقة وإلى الدور الإسرائيلي البسيط، فقال إن «الزيارة الاولى لوزيرة الخارجية الاميركية كوندوليزا رايس في منطقة الشرق الاوسط بعد انتهاء الحرب اللبنانية الثانية، ليست عبارة عن جولة تكتيكية جديدة لوزيرة الخارجية. فمن ناحية الأهداف، لا يوجد مثيل لهذه الزيارة للمنطقة منذ الزيارة المشهورة للوزير جون فوستر دالاس في خمسينيات القرن الماضي».
وإذ أشار مرغليت إلى أن «الذين سبقوها كانوا يحاولون اقامة أطواق حماية في وجه الاتحاد السوفياتي»، لفت إلى أنها «بدورها الآن جاءت لإنشاء وتطوير علاقات وتحالفات مع عدد من دول المنطقة المعتدلة ضد التهديد الايراني».
وعن المهمة والدور الإسرائيلي في هذه الجولة، قال مرغليت إنه «في كل الصور والنماذج، تخصص الولايات المتحدة لاسرائيل مهمة المراقب البسيط، الذي ألقي عليه عبء دفع ضريبة سياسية من اجل هذا التوجه الجديد. وكما هي الحال وكرد فعل تلقائي منذ أن تطأ قدم وزير خارجية اميركي منطقة الشرق الاوسط واسرائيل، فان هذه تعلن على الفور أنها مستعدة للتعاون كما تقتضي الاوضاع. هذا معقول. اسرائيل لا تستطيع أن تظهر نفسها كدولة رافضة للسلام، فهي في الحقيقة ليست كذلك، وهي ملتزمة صيغة دولتين لشعبين تربط بينهما اتفاقات سياسية، فلا مجال أن يكون الشعب اليهودي هو الذي يُفشل، لا يمكن، ولا يصح، فهو ملزم بالديموقراطية». وأضاف «لكن، مع ذلك، وُجد واقع جديد وشعور غير عادي، وبالتحديد زيارة استراتيجية من نوع الزيارة الأخيرة للوزيرة كوندوليزا رايس، تؤكد المعطيات الجديدة لتحرك وانتهاج سياسي اسرائيلي غير تقليدي، لأن الحالة الراهنة لا تلبي مثل هذه الاحتياجات الجديدة».
بدوره كشف ايتمار آيخنر، في «يديعوت أحرونوت»، النقاب عن أن وزيرة الخارجية الإسرائيلية، تسيبي ليفني، طرحت في لقائها مع رايس الحاجة الى توثيق الرقابة على الحظر في لبنان مع التشديد على الثغر في الحدود السورية ــ اللبنانية. وأعربت ليفني عن تخوفها من تحول غزة الى عش للارهاب في أعقاب التسلح المتسارع لحماس وتكثيف تهريب السلاح والوسائل القتالية من سوريا الى قطاع غزة. وطلبت ليفني تدخل نظيرتها الأميركية في هذا الموضوع مع المصريين.
وتطرق المحلل السياسي في «يديعوت أحرونوت»، شمعون شيفر، إلى الشأن الإيراني في المحادثات بين رايس وأولمرت.
وقال إن «الموضوع الأساس للحديث بين أولمرت ورايس كان الجهود الدولية لاعاقة التطوير النووي الايراني. ويتفق اولمرت ورايس تماما على ان على الولايات المتحدة واسرائيل أن تنسّقا حتى آخر التفاصيل في كل ما يتعلق بالتهديد الايراني».