تشهد المنطقة العربية حالياً ظاهرة صعود الحركات الإسلامية في ميدان الصراع السياسي الدائر. بيد أنّ التشكل السياسي للتيارات الدينية العقائدية ليس بالأمر الجديد. وهي تختلف بطبيعة الحال في ما بينها لجهة النظرة إلى الشأن العام، بل وكيفية فهمها للحكم الإسلامي والشريعة الإسلامية. فهي تتباين من حيث تفسير أحكام الشريعة والبناء عليه في صوغ نموذج خاص بكل منها لمقاربة الحياة العامة وغيرها من أمور الدنيا. ولبنان ليس بعيداً في الواقع عن هذا النقاش وظاهرة الطفرة في انتشار الإسلام السياسي. فما هي الرؤية السياسية للإسلام في المعالجة والمشاركة وحتى إعادة البناء فيه؟ وكيف يمكن الخروج من مأزق الإخفاق في بناء الدولة الوطنية، بمقترب الحداثة في التنمية، عبر الركون إلى الفكر الإسلامي والعودة إلى الجذور في مقاربة واستشراف المستقبل السياسي للبنان، ومن خلاله للمنطقة؟لقد فشلت الطبقة السياسية في تطبيق النموذج الغربي لنظرية الحداثة في لبنان منذ الاستقلال. فهي لم تتمكن من بناء مؤسسات الدولة الوطنية الحديثة على قاعدة المساواة السياسية في المواطنة من أجل الحرية التي تقترن بالعدالة الاجتماعية. والحق يقال بأنّ الطبقة التي تقبض على سلطة الحكم في لبنان، وهي نفسها لم تتغير ولم تتطوّر، ربما كانت قد أغفلت سبل تنفيذ مشروع بناء الدولة. لكنّها بالتأكيد لم تكن تريد البدء والمضي قدماً بسياسة النهوض بالبلاد على كافة الصعد بشكل جدي. وهي لم تبادر يوماً إلى إعداد ووضع البرامج التنموية موضع التنفيذ الفعلي، رغم أنّه لا يمكن إنكار حدوث تقدم ما بصورة متقطعة ومتفرقة من وقت لآخر هنا أو هناك، إلا أنّه لا يندرج أبداً في إطار رؤية متكاملة للمعالجة الجذرية. فالسلطة الحاكمة في لبنان تسودها عقلية رجعية بفعل تكوينها الطائفي أو المذهبي ودخول عامل المال السياسي على خط الصراع التقليدي على السلطة، فضلاً عن جمود البنى الإقطاعية وثباتها أمام كل محاولة للتغيير. في هذا السياق، لا بد من القول إنّ الأطر التنظيمية للحراك السياسي على الساحة اللبنانية، كالأحزاب والتيارات الفكرية، لا تشكل نموذجاً للحركات التقدمية والنهضوية كتلك التي رفعت لواء الثورة على الكنيسة والإقطاع وغيرهما من القوى الرجعية في أوروبا، وخاضت معركة التغيير فيها على خطى ميزان الحداثة، ولا تعبّر بصدق عن الأفكار التي تنادي بها والطروحات التي تدعي العمل على إنجازها.
مع ذلك، إنّ الحديث عن الفشل بتجسيد التجربة اللبنانية في الأخذ بمفهوم الحداثة وتعثّر مشروع بناء الدولة لا يعني على الإطلاق أنّ النسق العام المنبثق من الحداثة في الغرب إبان عصر الأنوار، غير صالح للتطبيق على أرض الواقع أو أنّه غير ملائم للصيغة اللبنانية. لكنّه يفتح الباب واسعاً للخوض بإسهاب في النماذج البديلة والنظريات الرديفة التي قد تبدو أقرب إلى الواقع اللبناني وأكثر مراعاة لخصوصية التركيبة الاجتماعية التي يتكون منها. هكذا تصبح هذه اللحظة السياسية والتاريخية مناسبة لدعوة حزب الله ذي الخلفية الأيديولوجية الإسلامية، وربما سواه من التيارات الإسلامية، إلى بلورة رؤيته الخاصة للتطوير السياسي والفكري على المستوى الحزبي أولاً، والمستوى الوطني ثانياً. عند هذا المقام، قد يكون حزب الله معنياً أكثر من سواه بهذه المهمة التاريخية النبيلة، بالنظر إلى حضوره الفاعل على خريطة الوطن الصغير، وقدرته الوازنة على التعبئة السياسية والشعبية، ودوره المركزي في المقاومة والتحرير، الذي يمكن الرهان عليه، فيما لو أراد أحد التثبت من نياته الحسنة ومن الخلفية الوطنية التي تحدث عنها الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله. يأتي ذلك في سياق الصعود السياسي التدريجي للحركات الإسلامية في الشرق الأوسط طوال العقود الماضية على خلفية تراجع الطروحات القومية والاشتراكية والتقدمية واندثارها في مختلف الأقطار العربية والإسلامية. لذا، إن الأحزاب ذات الخلفية الإسلامية في الدول العربية معنية قبل أي شيء آخر بصوغ وتظهير رؤيتها البراغماتية العامة، النابعة من طريقة فهمها الشريعة الإسلامية، لديناميكية التسيير والتدبير في بلدانها بعيداً عن المظاهر أو الأشكال الديماغوجية غير المسؤولة.
تكمن البداية في ضرورة أن تدرك الحركات الإسلامية أهمية البدء من حيث انتهى الآخرون. يعني ذلك أن تتعامل مع الواقع كما هو قائم على الأرض، وأن تعمل على إحداث التغيير الذي تتوخاه من داخل النظام، لا أن تفرض منطقها السياسي بالقوة. وهي لهذا الأمر محكومة على ما يبدو بالسقف الذي وضعه أسلافها في الحكم للتحرك السياسي. في ما يخص حزب الله في لبنان، تجدر الإشارة إلى أن النظام السياسي والدستوري في هذا البلد هو في الأساس نموذج مماثل للأنظمة الغربية من حيث إنه مستوحى بجذوره التاريخية من التجارب الأوروبية، ولا سيما تجربة الجمهورية الفرنسية الثالثة ومن ثم الرابعة. هذا المعطى يفرض على حزب الله، وهو يعي ذلك، التزام العمل السياسي وفقاً للآليات المؤسسية والدستورية التي أدخلتها سلطة الانتداب الفرنسية إلى الحياة السياسية اللبنانية في تلك الفترة الحاسمة من تاريخ الكيان والدولة، ومن بعدها السلطة اللبنانية منذ عهد الاستقلال. لقد استقرت صيغة الحكم والإدارة على تقليد النموذج الغربي في الحداثة، من حيث إن النظام اللبناني يقوم على الديموقراطية والتعددية الحزبية والتمثيل البرلماني والمواطنة غير المنجزة! أمام هذا المشهد، ربما كان يجدر بقيادة الحزب والمقاومة أن تسعى جاهدة إلى دخول العقل السياسي الغربي الذي بنى هذا النظام، وأن تعرف بالتالي كيف يمكن أن تبادر إلى تطويره، بمعنى إعادة بناء السلطة فيه بنحو هادئ لا يثير أي استفزاز، وفقاً لمنطق التفكير والإدراك الليبرالي الغربي نفسه.
من هذا المنظار، يمكن حزب الله أن يعمل على ابتداع رؤية متقدمة للتحديث السياسي في مفهوم العمل الوطني والضوابط التي من شأنها تقنين الممارسة السياسية أو تأطيرها بما ينسجم مع فكرة الحاكمية أو الحكومة في الفكر الإسلامي المعاصر، وبالشكل الذي يمكن أن يتقبله الناس على اختلاف المذاهب والطوائف. هنا يبرز دور النخبة المثقفة داخل الحزب في البحث عن الصيغة التطبيقية لنظرية الحداثة ذات الأصول الغربية، بما يتلاءم بالتحديد مع فلسفة العقيدة الإسلامية التي يعتنقها الحزب بقصد التجديد السياسي والسوسيولوجي. إلا أن حصيلة هذا الجهد الفكري تظل بطبيعة الحال قابلة للمراجعة والتدقيق، أو أقله النقاش الهادئ والمسؤول، على طاولة الحوار مع سائر الأطراف اللبنانيين.
قبل الخوض في مضمون الطرح السياسي والحضاري الذي يمكن حزب الله أن يرفع رايته، ليس فقط في نطاق لبنان ولكن أيضاً على صعيد العالمين العربي والإسلامي، لا بد من الوقوف ملياً عند أهمية التجربة الإيرانية المعاصرة التي تمثل فعلاً نموذجاً سياسياً فريداً ومتميزاً. فقد أعقب انتصار الثورة الإسلامية في إيران إطلاق مشروع كبير لإعادة بناء الدولة فيها على ركائز حديثة ومتينة. وكان من الطبيعي ألا تلجأ أبداً القيادة السياسية الجديدة لإيران إلى اقتباس أحد النماذج المدنية الشائعة في الغرب أو إسقاطه على المسرح الإيراني أو حتى تكرار إحدى تجاربه التي انبثقت من ظروف موضوعية مختلفة. بل قامت خلافاً لذلك بصياغة تجربتها الخاصة، وحاولت أن تبرز من خلالها مفهوم الفقه الشيعي للمرجعية السياسية والشرعية. وقد تضمنت هذه التجربة غير المسبوقة في التاريخ الحديث والمعاصر، الإرهاصات المبدئية لنظرية الحكم الرشيد من وجهة نظر الفقه والاجتهاد في المذهب الجعفري. هكذا أماطت الثورة الإسلامية الإيرانية اللثام عن نظرية الولي الفقيه وغيرها من الطروحات التي ابتدعها العقل الديني المجتهد في إيران من رحم مفهوم الإمامة عند الشيعة الاثني عشرية، على غرار الخلافة الإسلامية أو الرئاسة المدنية أو الملكية الدستورية أو الحكومة الديموقراطية المنتخبة أو الحكومة الجمهورية... بهذا المعنى، تجربة إيران في عصر الثورة، في التعبير عن الإسلام السياسي المعاصر بطريقة عقلانية، جديرة بأن تكون مدار بحث وموضع تمحيص من زاوية التصنيف النظري والمبدئي لنماذج الأنظمة السياسية والاجتماعية في العالم. فقد تمكنت من تجسيد نظرية الحكومة الإسلامية، كما يتطلع إليها أتباع أهل البيت (ع)، في منظومة مؤسساتية وفكرية متعددة الأجهزة والمستويات في الاختصاص والصلاحية.
بالعودة إلى الحيز اللبناني، ثمة من سيسارع إلى القول إن ما تحقق في إيران على أيدي النخب السياسية الإسلامية التي حكمت ولا تزال منذ الثورة فيها، هو غير قابل للتطبيق ضمن الصيغة اللبنانية الحالية، وهو محق. وقد يعتقد البعض أو يقول إن في هذا الكلام دعوة ضمنية لإقامة حكم إسلامي ما، وإنها رغبة غير معلنة لدى البعض تساوره منذ زمن، وهو مخطئ. فالحزب، بما لديه من خبرة، يعي تماماً أنّ من غير الممكن أو المقبول حصول هذا الأمر في لبنان. هنا تجدر الإشارة إلى أن العديد من الحركات الإسلامية في الأوساط السنية اللبنانية قد تكون لديها أيضاً النية في إحداث تغيير معين في صلب المعادلة الداخلية وإعادة خلط الأوراق تبعاً لخلفيتها العقائدية، إلا أن حجمها المحدود وحضورها المستجد على الساحة قد يحولان دون ذلك حتى الآن. ولكنه أمر مشروع في كل الأحوال، فالباب مفتوح أمام الجميع للتعبير السلمي عن الرأي والجهر بما يريده لجهة كيفية نظرته إلى لبنان، بل ووضعه على طاولة البحث، ما دام لا يمس بالسلم الأهلي والعيش المشترك وليس من شأنه تهديد الاستقرار والأمن في البلد.
إذاً المطلوب من حزب الله، وهو لديه القدرة على ذلك، أن يطلق ورشة عمل داخلية تفضي إلى إعلان وضع أو إعداد أطروحة سياسية مستوحاة من الفكر الإسلامي، وتكون مقبولة بين كافة شرائح المجتمع على أرض الواقع. ليس المقصود أن يعمل حزب الله على نقل التجربة الإيرانية إلى لبنان على الإطلاق، ولا هو بوارد هذا الأمر. ولا المقصود أن يعمل بطريقة أو بأخرى على اقتراح أو طرح فكرة فرض الحكم بالإسلام والتسويق لها أبداً. لكن المطلوب في هذه اللحظة من تاريخ لبنان أو في أية لحظة في المستقبل أن ينهض حزب الله بمسؤولية وطنية وسياسية ودينية في تطوير مقولة الحداثة التي أُسقطت على الساحة اللبنانية من دون أي محاولة لتكييف المفهوم مع الواقع. يمكن حزب الله حينذاك أن يضع بصماته على الصيغة المطبقة أو المقترحة للخلاص في لبنان، وأن تكون له إسهاماته في عملية إعادة النظر بكل شيء أو مجرد المطالبة بها. في هذا الصدد، تجدر الإشارة إلى أن السعي إلى إعادة قراءة وتركيز دعائم الصيغة التوافقية أو تغييرها كما الإسهام في هذا الجهد العملاق هما مسؤولية جميع القوى والأحزاب في لبنان، حتى لا يظنن أحد أنّ الغاية التي تكمن خلف هذا الكلام إنما هي إطاحة التوازن الوطني وبالتالي تطبيق مقولة حزب السلاح والدويلة ضمن الدولة أو بدلاً منها. إذاً، يستطيع حزب الله أداء هذا العمل كخيار استراتيجي في مواجهة حملة التخوين والتشكيك والتحريض على الإسلام وإلصاق تهمة الإرهاب به. فالحزب قادر على الانخراط في تفعيل العمل الوطني وتطوير الممارسة السياسية والدعوة إلى ذلك، نظراً إلى سلوكه ودوره وقضيته الأولى.
المهم من كل ذلك أن تتوصل قيادة الحزب والنخب الفكرية فيه في نهاية المطاف إلى دراسة سبل الإفادة من أحكام الشريعة الإسلامية. فبدل أن يرفع شعار الجمهورية الإسلامية كما يتهمه البعض، بإمكان الحزب أن يبتكر نظرية متماسكة في التطوير السياسي لعجلة الحكم في لبنان على قاعدة إبراز الفكرة الجوهرية من كل هذا الطرح في الاعتدال والعقلانية لدى الإسلام وفي كنفه. لقد قامت كل النظريات البراغماتية في العالم الغربي المعاصر على إعلاء شأن مسألة التفكير العقلاني المعتدل في بناء الدولة الحديثة الوطنية أو القومية. فما من نهضة ممكنة أو محتملة للشعوب المسلمة إلا بسلوك الخيار نفسه في التخطيط الاستراتيجي مع مراعاة الخصوصيات الثقافية والديموغرافية. في لبنان، من الثابت أن الحزب ملتزم مبدأ التعايش مع كافة المذاهب والطوائف. يبقى أن يبادر الحزب إلى تعزيز مشاركته في البناء الوطني الجامع بأن ينهل من الفلسفة الإسلامية لدى علماء الطائفة الشيعية في جبل عامل وبعلبك وقم والنجف، وهو يضاعف بهذه الطريقة مقدار الحضور والانخراط السياسي داخل مؤسسات الدولة للطائفة التي ينتمي إليها والتي تحاول النهوض من كبوتها والخروج تدريجاً من دائرة التهميش والإهمال إلى موقع المبادرة والمشاركة في القرار.
إن العمل في سبيل توفير الحرية وتحقيق العدالة هو الهدف الذي يطفو على كل الطروحات والبرامج، أكانت قومية أم اشتراكية أم ليبرالية. لذا، من حق حزب الله وغيره من التيارات الإسلامية والدينية عموماً، أن تطلق مشروعها الوطني الذي يعبر عن رؤيتها الخاصة في كثير من الأمور العامة. وتأتي بعد ذلك خطوة الانتقال بهذه النظرية التي يقول بها إلى ميدان التطبيق عبر تجسيدها في برنامج عمل ينقل المفاهيم المجردة في الحكم والمسؤولية إلى مستوى الآليات التي توضع موضع التنفيذ وتعبّر عن القيم السياسية للحزب. والساحة اللبنانية مفتوحة دائماً أمام حرية التعبير عن الرأي وإمكانية تقبل مختلف التيارات الفكرية أو الأيديولوجية، أقله من الناحية النظرية. فقد تكون الحداثة على الطريقة الإسلامية هي الحل عندئذ!
* باحث سياسي
15 تعليق
التعليقات
-
ان الاحزاب الاسلامية اوان الاحزاب الاسلامية او الدينية بشكل عام في وطننا العربي وللاسف مبنية على صراع عقائدي منذ العام 60 ه اي اكثر من 400 سنة من غير الممكن لا على حزب الله او اي حزب سني ان يستطيع اطلاق اطروحة سياسية اسلامية يقبل بها الجميع وذلك لخلاف عقائدي كبير مع الطرف قد تجعله يخسر حلفائه من الطرف الاخر وتحديداً من السنة فالتجربة الايرانية كما التجربة الاسرائيلية في مجال الديمقراطية والسياسية الدينية هما تتمحوران حول الطائفتين الشعية واليهودية ولا وجود لبيقية الطوائف وهذا سر نجاحها في تلك الدولتين وامكانية في فشلها في لبنان الذي تنقصه الاكثرية السياسية لحكمه وكذلك الاكثرية الدينية فحزب الله او غيره قد ينجح في ادخال ثقافته التنظيمية وليس الدينية الى الفكر السياسي اللبناني عبر مشروع اقتصادي متكامل، لان الاخزاب الاسلامية او الادارة الاسلامية للدولة نجحت في ايران وتركيا وقد تنجح في مصر وتونس ولكنه حتماً ستفشل في لبنان لاسباب عدة منها عدم الحسم الديمغرافي وعدم الحسم الانتخابي وعدم الثقة المتبادلة بين كل الطوائف والصراع العقائدي الاسلامي.
-
حدائة أم استقامة رؤية وفهم للإسلام أم حداثة إسلامية 2فإن كانت وظيفته أن يبلغه(أعني الإسلام) للناس إضافه إلى مهمات أخرى، فهذا يعني أنه موجه للجميع، وإن كان وظيفته الإكراه أو التسيير، فيلزم من ذلك أن البشر غير متساوين في القيمة والوظيفة والهدف، عدا عن لزوم أن يكونوا على صنفين: أحدهما مخير وآخر مسير. هل من العدل والقسط أن يُعاقَب أو يُثاب المسير بمفتضى ما يصدر منه من أفعال؟ علينا الإنتباه إلى أن المسير يلزم أن يكون فاقد الإرادة والإحساس بحيث لا يحصل من ذاته محفز على ممارسة فعل ما(أي الإنفعال).إذا علينا البحث عن الضابطة أو المعيار الذي يُعرف من خلاله لأي صنف ينتمي كل فرد بشري، مع عدم إغفال العقول التي يلزم أنها مختلفة التكوين، بحيث أن الموجودة لدى المخيرين تمتاز عن العقول الموجودة لدى المسيرين(إن صح امتلاكهم للعقول). برأيي لا يستقي طرح مفهوم الحداثة الإسلامية.فإن كان المقصود بها الدين، فإن الإسلام غير قابل للتحديث، لقول تعالى"إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالذِّكْرِ لَمَّا جَاءَهُمْ وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ*لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ"(فصلت 41-42).وإن كان المصود به الوعي والفهم والرؤية، فإن وعي وفهم ورؤية الرسول محمد صلى الله عليه وآله، يبطلها، وهو الذي جاء فيه"مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى*وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى*إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى*عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى"()النجم 2-5). أليس المقصود بطرح الحدائة، التي تنفي الغواية والغي والضلال؟
-
حدائة أم استقامة رؤية وفهم للإسلام أم حداثة إسلامية 1إلى جناب الكاتب برأيك، إيهما أجدى: إطلاق ورشة عمل تفضي إلى إعلان وضع أو إعداد أطروحة سياسية مستوحاة من الفكر الإسلامي، أم تطبيق الإسلام من قبل من يُقترض أنه اختار أو سيختار الخيار الأول؟ هل برأيك يلزم أخذ موافقة الجميع على خيار الإسلام لمن يريد تطبيقه على نفسه والإلتزام به؟ لماذا لا يتم اعتماد العقد الفردي بدل العقد الإجتماعي، طالما أنه لا يوجد بذلك تعد للحدود؟ بخصوص التجربة الإيرانية على صعيد الحكم، ليست منسجمة مع الإسلام، وبالتالي ليست صالحة لتقديمها كتجربة إسلامية.لا يوجد عاقل يقبل، أن الإسلام يقر لا تنصيب حاكم على الناس في ذات الوقت الذي يحتوي على تشريعات لتنظيم حياته وعلاقاته وتصرفاته مع نفسه وغيره, إذا قلنا أن الحاكم وظيفته أن يحكم بشرع الإسلام، فهو بذلك لا يكون حاكما بل واسطة فقط، لأنه ملزم بالتقيد بنصوص الشرع.هنا علينا أن ننظر إلى وظيفته: فإما انها محصورة برد المظالم ونصرة وإنصاف المظلوم وعقاب وردع الظالم في إطار بسط القسط والعدل، وإما إكراه الناس على السير والسلوك وفق نصوس الشريعة. فإما أن الإسلام موجه لمن ينصب نفسه حاكما وممثلا (نائب)فقط، وإما للجميع، باعتبار أن كل فرد مكلف معني بأن يقرر لنفسه وبالتالي يتحمل المسؤولية عن العواقب التي قد تنتج من اختياره.فإن أحسن، يُثاب وإن أساء، يُعاقَب، وإما موجه لمن يقدم نفسه حاكما دون غيره، فهذا بعني إما أن المطلوب منه(الأخير)أن يبلغه للناس، وإما أن المطلوب إكراه أو تسيير الناس.
-
عن الحداثةيعني الكلام عن الحداثة من دون شك كتير مهم. وهيدا الموضوع بعتقد البحث فيه بيندرج بأساس التطور السياسي والإجتماعي لكل الشعوب والأمم. وقت اللي منبلش نفكر بهيدي الطريقة ووقت الللي منبلش من هون... من نقطة الحداثة... نقطة التحول بكل المجتمعات، بعتقد بصير فينا نقول إنو حطينا البلد على الطريق الصحيح...
-
إلى غسان ملحمبرأيك، إيهما أجدى: إطلاق ورشة عمل تفضي إلى إعلان وضع أو إعداد أطروحة سياسية مستوحاة من الفكر الإسلامي، أم تطبيق الإسلام من قبل من يُقترح الخيار الأول؟ هل برأيك يلزم أخذ موافقة الجميع على خيار الإسلام لمن يريد تطبيقه على نفسه والإلتزام به؟ لماذا لا يتم اعتماد العقد الفردي بدل العقد الإجتماعي، طالما أنه لا يوجد بذلك تعد للحدود؟ بخصوص التجربة الإيرانية على صعيد الحكم، ليست منسجمة مع الإسلام، وبالتالي ليست صالحة لتقديمها كتجربة إسلامية.وأما الإنجازات المتحققة في البلد، فهي ليست مرتبطة بها، بل هي نتيجة لوعي ونضوج أصحابها.
-
بعد أن قرأت هذه المقالة، قمتبعد أن قرأت هذه المقالة، قمت بنقر الرابط في الأسفل واطلعت أيضاً على مقالة سبق للباحث أن كتبها فوجدت أن هناك فعلاً ترابط وثيق في الكتابة والتحليل. أنا أرى أنه يحاول الإستطراد في عمله. على كل حال، يمكن القول أن الموضوع المطروح في هذه المقالة جدير بالنقاش والتعمق بقراءته وهو قابل لإعادة النظر بالنسبة لمسألة التفكير في كيفية عقلنة الممارسة السياسية للحركات الإسلامية أو بعضها من أجل إعطاء صورة أفضل وأكثر قبولاً عن الإسلام السياسي الذي يشهد حالياً صعوداً سياسياً وشعبياً لا لبس فيه. بعد قراءة المقالة، أود أن أقول بأن الكلام عن الفكر السياسي الإسلامي وإمكانية التجديد فيه هو موضوع دقيق ويتطلب الحذر والتعمق أيضاً. أنا أيضاً أعرف الكاتب الدكتور غسان وأقدر مجهوده في هذا المجال وأطالب بالمزيد إذ أشار إليه العديد من القراء في تعليقاتهم السابقة. ج. ن.
-
موضوع مثير للإهتماملا شك أن التجربة الإيرانية شكلت نموذجاً فريداً وناجحاً في إبراز القدرات الوطنية الإيرانية ضمن بناء صلب أدى بالجمهورية الإسلامية إلى مكان أفضل بعد ثلاثين عام من الثورة، بحيث أصبحت اليوم قوة يحسب لها الحساب على المستويات العسكرية والسياسية إضافة إلى محاولة خروجها من الإعتماد المفرط على تصدير الغاز. ومن المؤكد أن لحزب الله أن ينجز مشروعاً متكاملاً لرؤية جادة لمشروع الدولة، ولا يكفي أن يكون ذلك من طريق طرح أفكار وبيانات، بل ان المطلوب نظرة استراتيجية مقرونة بتحرك عملي تنفيذي، وانخراط من قبل كفاءاته في العمل الرسمي ضمن أطر الإدارة العامة في لبنان. دكتور غسان، لقد وفقت في طرح الموضوع، وهو موضوع مثير للإهتمام فعلاً، وقد تمكنت كعادتك من طرح فكرتك بين ألغام احتمالات سوء الفهم عند البعض، وبين إيصال القارئ إلى صلب الفكرة التي تريد تعميمها. معالجة موفقة كالعادة، والقالب اللغوي متماسك ومنساب إلى كل اتجاهات الفكرة . أتمنى لك النجاح الدائم
-
بالصدفة لمحت المقالة واطلعتبالصدفة لمحت المقالة واطلعت عليها. ما في شك إنو الموضوع مهم وحساس بس أنا بسجل تحفظي على محاولة التسويق لنظريات حول الإسلام السياسي أو تلميع صورة الحركات الإسلامية ومنها الحزب عنا بلبنان لإنو لازم بقا نطلع من دائرة التفكير أو التحرك الطائفي الضيق. هيدا رأيي بكل صراحة. مواطن لبناني.
-
مقال موفق، ويحتوي على تسلسلمقال موفق، ويحتوي على تسلسل أفكار منطقي وعلمي،فما من تساؤل أو اشكالية إلا والجواب موجود في السطور التالية,ما يشوق القارئ ليكمل قراءة المقال ليصل إلى النتيجة والاستخلاص,فهذه الطريقة في الكتابة لا تزيد أهمية عن مفهوم الحداثة،الذي هو أساس التطور, ولا سيما الحداثة الاسلاميه التي تناولها بالحديث حضرة الكاتب،بطريقة سلسة ومقنعة..
-
مرة جديدةكما في المقالة السابقة وأنا كنت كتبت تعلبق حولها بيطالعنا الكاتب والباحث غسان ملحم مرة جديدة بأسلوبه المتماسك والعاقل جداً في التحليل. وأنا بتأسف للوضع الذي وصلنا له بحيث بات هذا الكلام الهادئ والمسوؤل نادر واستثناء على القاعدة العامة في التصعيد الكلامي والإعلامي.
-
موضوع مثير للإهتماملا شك أن التجربة الإيرانية شكلت نموذجاً فريداً وناجحاً في إبراز القدرات الوطنية الإيرانية ضمن بناء صلب أدى بالجمهورية الإسلامية إلى مكان أفضل بعد ثلاثين عام من الثورة، بحيث أصبحت اليوم قوة يحسب لها الحساب على المستويات العسكرية والسياسية إضافة إلى محاولة خروجها من الإعتماد المفرط على تصدير الغاز. ومن المؤكد أن لحزب الله أن ينجز مشروعاً متكاملاً لرؤية جادة لمشروع الدولة، ولا يكفي أن يكون ذلك من طريق طرح أفكار وبيانات، بل ان المطلوب نظرة استراتيجية مقرونة بتحرك عملي تنفيذي، وانخراط من قبل كفاءاته في العمل الرسمي ضمن أطر الإدارة العامة في لبنان. دكتور غسان، لقد وفقت في طرح الموضوع، وهو موضوع مثير للإهتمام فعلاً، وقد تمكنت كعادتك من طرح فكرتك بين ألغام احتمالات سوء الفهم عند البعض، وبين إيصال القارئ إلى صلب الفكرة التي تريد تعميمها. معالجة موفقة كالعادة، والقالب اللغوي متماسك ومنساب إلى كل اتجاهات الفكرة . أتمنى لك النجاح الدائم
-
هذا الكلام لا شك إنو سليمهذا الكلام لا شك إنو سليم ومنطقي ونحن للحقيقة بحاجة لطرح عقلاني ومعتدل ولكن أنا بشوف إنو الأجواء بلبنان وبالمنطقة غير مناسبة لهكذا حلول أو أفكار بظل التحريض والشحن والصدام المحتمل ومع ذلك أنا بقول إنو كل إنسان مسلم يؤيد هذا الكلام عن ضرورة التعبير بشكل عاقل وحضاري عن حقيقة الإسلام
-
سبق لي وأن قرأت مقالة لنفسسبق لي وأن قرأت مقالة لنفس الكاتب وأنا أجده يقارب الأمور بطريقة جد مقبولة وهو يطرح فكرة للنقاش وهي تبدو فعلاً سليمة من حيث أنه يدعو إلى العقلانية والإعتدال والإنفتاح وهذه الأمور موجودة لدى الحزب وهذا هو المطلوب لإعادة تشكيل بل وتغيير صورة الإسلام السياسي أمام الرأي العام الدولي مع العلم أن هذا لا يعني أن الحزب ليس كذلك في الأساس.