أظهر فيديو انتشر على مواقع التواصل الاجتماعي الصينية رجلاً تخطّى التسعين من عمره ينام في سريره، يسأل ابنته وهو ينظر إلى التلفاز الذي يبدو أنه يعرض مشاهد للمناورات العسكرية الصينية في محيط تايوان: «هل استعدنا تايوان؟»، تجيبه: «قريباً»، يردّد خلفها: «قريباً».
رواسب قرن الإذلال
هذه الـ«قريباً» يشعر بها كل صيني، فـ«حلم توحيد البلاد» أصبح أقرب من أي وقت مضى. وكلمة «حلم» يمكن أن تجدها في كل الوثائق الرسمية الصينية. ولكي أوضح السبب، علينا العودة، بالحد الأدنى، إلى أواسط القرن التاسع عشر، عندما أطلقت بريطانيا «حرب الأفيون» ضد الصين، وانضمّت إليها فرنسا والولايات المتحدة وغيرها من الدول. يومها كان الميزان التجاري بين الصين وتلك الدول الإمبريالية يميل بشكل كبير لمصلحة الصين. وكعادة الإمبريالية، لجأت إلى تدمير الصين من أجل سد هذه الفجوة، بالتالي إخضاعها. فبدأت بتهريب الأفيون إلى الصين، وعندما واجهت السلطات الصينية المهرّبين، شنّت تلك الدول حرب الأفيون الأولى والثانية، استمرت النتائج الكارثية لتلك الحروب لمدة قرن كامل، يطلق عليه الصينيون «قرن الإذلال»، وكان أهمّها تشريع بيع الأفيون في الصين، مما انعكس تدميراً كاملاً للمجتمع والاقتصاد، كما استولت تلك الدول على أجزاء من الصين.
(ملصق صيني - 1958)

إذاً، «حلم التوحيد» هو التخلّص من رواسب «قرن الإذلال». والصينيُّ نفَسهُ طويلٌ جدّاً. عليك فقط أن تتخيّل «المسير الطويل» الذي ساره الشيوعيون الصينيون كي تعلم كم هو نفسهم طويل. كما أن استرجاع مكاو وهونغ كونغ هو مثلٌ آخر. واليوم، لم يبق إلا تايوان. فبهذا المعنى، هي جزء من تلك الذاكرة الصعبة للصينيين، بخاصة الجيل الذي يمثّله ذاك التسعيني في الفيديو.

مقاطعة تايوان
خلال الأزمة الأخيرة، بدأ تداول صور على مواقع التواصل الصينية لبرنامج تحديد المواقع «بايدو» (مثل خريطة «غوغل») يظهر تعديل اسم تايوان إلى «مقاطعة تايوان». كما تداول الكثيرون أسماء المطاعم التي تحمل أسماء مدن وأطعمة من البر الرئيسي الصيني.
ممّا لا شك فيه أن أهالي تايوان، بأكثريتهم، هم من مدن من البر الرئيسي الصيني. انتقلوا إلى تايوان بعد هزيمة حزب الكومنتانغ أمام الحزب الشيوعي الصيني.
وبلمحة سريعة حول مسار الانتقال هذا؛ خضعت تايوان لحكم «الإمبراطورية الصينية» منذ القرن السادس ميلادي، واستمرت تحت حكم الصين حتى أتى الألمان واحتلّوها عام 1624. إلا أن حركة مقاومة اندلعت على الجزيرة، وتم تحريرها من احتلال الألمان عام 1662. بعد حوالي العشرين عاماً، ضُمّت تايوان إلى مقاطعة فوجيان. وفي عام 1885، أصبحت تايوان المقاطعة رقم عشرين في الصين.
عام 1895، وفي عز «قرن الإذلال»، احتلت اليابان تايوان. ولم تتمكّن الصين من استعادتها إلا عام 1945. وكانت اليابان قد احتلت أجزاء واسعة من الصين بين الحربين العالميتين. وخاض الصينيون حرب تحرير استمرت لسنوات طوال. وإبّان الحرب العالمية الثانية، توحّد الحزب الشيوعي وحزب الكومنتانغ من أجل دحر الاحتلال الياباني. إلا أن اليابان كانت تسعى للاحتفاظ ببعض المناطق، منها تايوان، فووجهت بإصرار صيني على استرجاع كل الأراضي، ويومها لم يكن الحزب الشيوعي في الحكم، بل كانت الحكومة تخضع لحزب الكومنتانغ الذي، كما أوضحنا سابقاً، انتقل بجنوده إلى جزيرة تايوان.
إذاً، تايوان لم تكن يوماً إلا جزيرة صينية. وأهلها صينيون، معظمهم من قومية «الهان»، ولغتهم الوحيدة هي اللغة الصينية.

ماو على مشارف تايوان
حزب الكومنتانغ، هو الحزب الذي أسسه صون يات سين. وهذا الرجل له مكانة كبيرة في الصين، يوجد باسمه اليوم آلاف الساحات والشوارع، وعدد من الجامعات. كما أن الحزب الشيوعي الصيني يقدّره كثيراً.
قاد صون الثورة ضد الإمبراطورية. وهو المؤسس الفعلي لـ«جمهورية الصين» عام 1912. بعد اندلاع ثورة أكتوبر 1917 في روسيا، بدأت الأفكار الاشتراكية تصل إلى الصين، فتأسس الحزب الشيوعي الصيني عام 1921 من أشخاص كان معظمهم في حزب صون. وبدأ الحزب بممارسة نشاطه متقاطعاً مع أهداف صون التي كان أهم أعمدتها «تحرير الصين من الاستعمار» (كانت شانغهاي مثلاً تخضع لحكم الفرنسيين والإنكليز) و«الحلم بتوحيد الصين»، وتحقيق «سعادة الشعب الصيني» من خلال تخليصه من رواسب «قرن الإذلال».
لم يكن لدى صون مشكلة مع الأفكار الشيوعية، لذا عمل على توحيد الحزبين في حزب واحد. إلا أنه لم يعش حتى تحقيق هذا الهدف، فتوفي عام 1925. استلم قيادة الحزب من بعده أحد القادة العسكريين، اسمه تشيانغ كاي تشيك، وعلى عكس صون، كان تشيك يكره الشيوعيين. ومن موقعه الطبقي المعادي للأفكار الشيوعية، بدأ حملات تطهير بحق الشيوعيين. خاصة عام 1927 في شانغهاي حيث كان الحزب الشيوعي الصيني قد أصبح القوة الرئيسية فيها. قتل في مجزرة شانغهاي آلاف العمّال والمثقفين الشيوعيين. ومن ثم أعلن تشيك الحرب ضد الشيوعيين. وكان يرفض مواجهة اليابانيين عندما بدأوا احتلال الصين، بحجة أنه يجب القضاء على «الحمر» أوّلاً، ومن ثم نلتفت إلى اليابان.
لاحقاً، وبعد المجازر التي ارتكبتها الجيش الياباني عام 1937 في مدينة نانجينغ والتي قتل فيها أكثر من 300 ألف صيني، وبعد أن كان الشيوعيون قد عرضوا أكثر من مرة التوحّد من أجل قتال اليابانيين، اضطر تشيك لوقف حربه ضد الشيوعيين والتوحّد معهم من أجل هزيمة اليابان. إلا أن هذا «التوحّد» كان شكلياً. كنت قد شاهدت العديد من الوثائقيات الصينية عن تلك الفترة. ومعظمها يظهر أن الكومنتانغ كان يسعى في إضعاف الشيوعيين في حرب التحرير، من أجل الانقضاض عليهم بعد الحرب. ففي المعارك المشتركة ضد اليابان، كان الكومنتانغ يتأخّرون في تقديم الدعم للشيوعيين.
تؤكد الصين، وفي كل الوثائق والتصريحات، أن «حلم توحيد الصين» واستعادة تايوان سيكون بالطرق السلمية


لم تدم «الوحدة الشكلية»، واستأنفت الحرب بين الطرفين، بخاصة بعد انسحاب اليابان من الصين عام 1945، واسترجاع الصين لكامل أراضيها التي كانت تحتلها اليابان ومن ضمنها تايوان (ولكن بقيت مناطق أخرى بيد القوى الاستعمارية، مثل هونغ كونغ مع البريطانيين، وماكاو مع البرتغال). وكان لتدخّل «الجيش الأحمر» السوفياتي دور أساسي في حسم المعركة ضد اليابان. حيث حصل إنزال كبير للجيش الأحمر في منطقة منشوريا، وأدّى إلى استسلام أكثر من 700 ألف عسكري ياباني، ممّا أسهم في استسلام اليابان بشكل كامل.
استمرّت الحرب حتى عام 1949. في البداية كان حزب الكومنتانغ، الذي يحظى بدعم أميركي غير محدود، يتفوّق على الشيوعيين من حيث العديد والتسلّح، وكان، باتفاق مع الأميركي، قد عقد صفقة مع الجيش الياباني بأن لا ينسحب من مناطق تواجده قبل أن تأتي قوات الكومنتانغ وتأخذ مكانه، وذلك خوفاً من توسّع مساحة سيطرة الشيوعيين. ولكن قوة الشيوعيين كانت في «النفس الطويل» والاستراتيجية التي اعتمدها ماو. حيث تم الاستثمار في نقاط القوة، وهي الحاضنة الكبيرة التي تمتّع بها الشيوعيون في الأرياف. وكانت وعود الشيوعيين للفلاحين بتوزيع الأراضي عليهم تساهم بانضمام أعداد كبيرة منهم إلى صفوف جيش الشيوعيين.
كانت قوات الكومنتانغ تتراجع أمام زحف الشيوعيين. فلم يبق أمام تشيك وما تبقى من مقاتليه (كان جنوده يهربون بالآلاف)، وهم من كل المناطق الصينية، إلا اللجوء إلى تايوان، الجزيرة البعيدة نسبياً عن البر الرئيسي الصيني. طبعاً استنجد تشيك بداعميه، وعلى رأسهم الولايات المتحدة. وبعد أن وصل ماو تسي تونغ وقوات حزبه إلى مشارف تايوان، هددت الولايات المتحدة، التي كانت لا تزال منتشية بسفك دماء مئات الآلاف في هيروشيما وناكازاكي، بإعلان الحرب ضد الصين، بعد أن كانت قد دعت إلى حوار وسلام بين الشيوعيين والكومنتانغ عندما رأت أنه لا أمل أمام قوات تشيك. إلا أن الحزب الشيوعي كان قد حقق انتصاراً حاسماً، وعام 1949 أعلن ماو تسي تونغ تأسيس جمهورية الصين الشعبية وعاصمتها بكين. بينما أعلن الكومنتانغ، وبدعم واعتراف أميركي تايبيه عاصمة مؤقته للصين.

1950 – 1971
ما لا يعرفه كثيرون، أن ممثّل الصين في الأمم المتحدة حتى عام 1971 لم تكن الحكومة الموجودة في بكين بقيادة ماو، بل تلك في تايوان بقيادة تشيك. بالتالي، كان حزب الكومنتانغ، الموجود في تايوان، يعتبر نفسه الممثّل الشرعي والوحيد للشعب الصيني كاملاً. ولم يكن يسعى أبداً لأن يكون رئيس حزب في دولة حدودها جزيرة تايوان فقط. وإلى اليوم، حزب الكومنتانغ، الذي لا يزال موجوداً في تايوان، يؤكد على عدم الموافقة على فصل تايوان عن الصين. أمّا الداعون للانفصال، فهم حزب جديد نسبياً، ترأسه رئيسة الوزراء الحالية. وهو حزب بني على فكرة الانفصال، وطبعاً بدعم من الولايات المتحدة.
لم تسترجع حكومة بكين كرسيها في مجلس الأمن إلا في عام 1971. وحينها اعترفت معظم دول العالم بجمهورية الصين الشعبية، وبمبدأ «الصين الواحدة». لبنان مثلاً، بدأ بإقامة العلاقات الرسمية مع الصين في تلك السنة، وفي العام الماضي احتفل لبنان والصين بمرور 50 عاماً على تأسيس العلاقات الديبلوماسية. مع العلم أن علاقاتنا مع الصين الشعبية أبعد من ذلك بكثير. أقصد، يوم توجّه الدكتور الشيوعي اللبناني-الأميركي جورج حاتم إلى الصين، وانضم إلى «المسير الطويل»، وأصبح عضواً في الحزب الشيوعي الصيني. وبعد تأسيس جمهورية الصين الشعبية، كان أوّل أجنبي يحصل على الجنسية الصينية تقديراً لنضاله الطويل إلى جانب الشعب الصيني.
وفي السنوات اللاحقة من سبعينيات القرن الماضي، زار الرئيس الأميركي بكين، ووقعت العديد من البيانات المشتركة التي اعترفت بموجبها الولايات المتحدة بـ«الصين الواحدة» وبأن «تايوان جزء لا يتجزأ من الصين». وعليه، فإن العلاقات الديبلوماسية بين البلدين لا تسمح بإقامة أي علاقة رسمية مع تايوان.

بيلوسي في تايوان
خلال الساعات التي سبقت وصول رئيسة مجلس النواب الأميركي نانسي بيلوسي إلى تايوان، وُجّهت لي عشرات الأسئلة حول ما يمكن أن تفعله الصين. ومعظم تلك الأسئلة كانت تستند إلى تحليلات تتناقلها وسائل الإعلام بأن الصين ستشنّ حرباً على تايوان، أو تسقط طائرة بيلوسي أو غيرها من الأفكار. بينما كنت أعتقد أن لا شيء من كل ذلك سيحدث. وأن الصين سيكون لها ردّها الخاص والذي يتناسب مع نهجها.
الصينيُّ بالُه طويلٌ جدّاً. لا تنسوا هذه النقطة. وإذا كان المثل الشعبي المعروف لدينا «عدّ للعشرة قبل أن تقوم برد فعل»، فالصيني يعدُّ للمئة أو للألف. هذا أوّلاً. ثانياً، العقيدة العسكرية الصينية هي عقيدة دفاعية. نعم، قد يكون الموقف الأخير دفاعياً، ولكن الصيني، ولأسباب كثيرة أهمّها «قرن الإذلال» لا يفضّل الحل العسكري. يقول الرئيس الصيني الحالي، في تأكيده على أن الصين لا تؤيّد الحروب، إن الدماء التي دفعها الصينيون خلال مسيرة نضالهم الطويلة علّمتهم أهمية السلام.
ثالثاً، معظم المقاربات لموضوع تايوان تنطلق من فرضيات خاطئة، كأن تشبّه الصين للولايات المتحدة أو روسيا أو أي بلد آخر. الصين هي الصين، ويجب التعامل معها على أساس فهم عقليّة الصينيين. كما أنه في حالة تايوان، كما أوضحنا سابقاً، تايوان هي جزء من الصين وشعبها هو جزء من الشعب الصيني، والناس هناك لهم أقارب في كل المدن الصينية، وأي حرب مع تايوان سيموت خلالها صينيون (هناك عائلة لبنانية-صينية تعيش في ووهان، الأب لبناني-بعلبكي والأم من تايوان). وهذا ما تحاول السلطات تجنّبه قدر المستطاع. وفي هذا الإطار، تؤكد الصين، وفي كل الوثائق والتصريحات، أن «حلم توحيد الصين» واستعادة تايوان سيكون بالطرق السلمية. أمّا الخط الأحمر الوحيد، فهو أن تلجأ سلطات «الحزب الديموقراطي التقدّمي» في تايوان، أو من تسمّيهم الصين «الانفصاليين»، إلى تنظيم استفتاء للانفصال. حينها أعتقد ستكون كل الخيارات متاحة. عدا ذلك، ومهما بلغت درجة الاستفزاز الأميركي، لن تنجر الصين إلى ملعب الولايات المتحدة، لأنها حكماً ستخسر إن لعبت ضمن قوانين اللعبة الأميركية.
رابعاً، يعتقد المسؤولون الصينيون أنّ ما خسرته الصين في زمن الضعف، ستستعيده في زمن القوة. والقوة هنا لا تعني القوة العسكرية حصراً، بل بالدرجة الأولى القوة الاقتصادية. ومن هنا الثقة بأن حلم إعادة توحيد الصين أصبح قريباً جداً. فتاريخ الدول يؤكد أن مرحلة الضعف تعني التفكّك، ومرحلة القوة تعني إعادة التوحيد.

بعد الاستفزاز الأميركي
مرّ ما يقارب ثلاثة أسابيع على زيارة بيلوسي إلى تايوان. وكما عادة الولايات المتحدة وإعلامها المهيمن، حاولوا إظهار الزيارة بأنها نكسة للصين، وانتصاراً للولايات المتحدة. وأن الحديث عن نظام عالمي جديد يتم تكريسه من قبل الصين وروسيا وغيرهم من الدول مجرّد وهم، وأن الولايات المتحدة لا تزال القوة العالمية المهيمنة التي لا تقهر. حتى أن الكثير من رواد مواقع التواصل استخدموا مقولة ماو «نمر من ورق»، التي وَصفَ بها الإمبريالية، كصفة للصين. كان كل ذلك جزءاً من «العدوان» الأميركي الذي استمر ليوم واحد أو يومين. وإن حقّقت الولايات المتحدة «نصراً» هوليوودياً لساعات، فإن هذه الفقاعة لم تدم. فبعد انتهاء الزيارة، بدأ الرد الصيني.
لا يمكن أن نرى هذا الرد بجانبه العسكري فقط، أي المناورات العسكرية التي «حاصرت» الجزيرة من كل الجهات، والتي كانت تهدف إلى إيصال رسالة حاسمة في هذا الإطار بأن الانفصال خط أحمر. فالصين ليست بحاجة إلى إظهار قوتها العسكرية، فهي لديها كل إمكانات الردع بوجه الولايات المتحدة، ولديها تفوّق لا يقاس بالمقارنة مع تايوان. وإذا ما قرّرت التدخل عسكرياً، فلن يمنعها أحد من ذلك. لذا، فلا حاجة لرد عسكري، بخاصة أن «العدوان» كان سياسي-ديبلوماسي الطابع. لذا، الأهم هو النتائج السياسية التي اكتسبتها الصين من خلال تعاطيها مع هذا «العدوان». فمعظم دول العالم، ومن بينهم الولايات المتحدة، بالإضافة إلى الأمم المتحدة، أكّدوا في الأيّام الماضية على مبدأ «الصين الواحدة»، وعلى أن «تايوان جزء لا يتجزأ من الصين». وبيلوسي نفسها أكدت ذلك، وكادت تقول إنها كانت في زيارة خاصة-سياحية إلى تايوان. وإن حركة طائرتها لا يمكنها أن تقف في وجه حركة التاريخ. فحركة التاريخ ترشدنا إلى أن الإمبراطوريات التي قامت على دماء الشعوب ستزول. بالتالي، فبالمعنى السياسي، الزيارة أتت بمفاعيل معاكسة لما خططت له الولايات المتحدة.
ثانياً، كان الخاسر الأكبر في هذه الجولة دعاة الانفصال في تايوان، فبهذا الإجماع العالمي إلى جانب الصين، وأمام الإصرار الصيني في الدفاع عن وحدة أراضي البلاد، والالتفاف الشعبي الكبير حول إجراءات الصين، سيضطر أولئك «الانفصاليون» إلى مراجعة حساباتهم. فخيار الانفصال هو مسار بأفق مسدود تماماً. ولا خيار أمامهم إلا الحوار مع بكين على صيغة إعادة التوحيد.
هذا التوحيد الذي يتمنّاه ذلك العجوز التسعيني قريباً جداً، ليكون إغلاقاً للفصل الأخير من فصول «الذل» الذي لن يقبل بها الصينيون بعد اليوم.
* باحث وأكاديمي مقيم في الصين