الفن العربي والـ«مسيئة»ربيع دهام

ما إن نشاهد محطة فضائية «فنية» عربية حتى يطل وجه «فنان» لبناني أو عربي يغني بتأثر «واضح» ويغمض عينيه انسجاماً مع اللحن «العظيم»... الذي ابتكرته أنامل سحرية بلا شك! وحين نشاهده في مقابلة تلفزيونية نسمعه يتكلم على الفن الرديء وكأنه بعيد عنه...
ويتكلم على الحياة وآداب الحياة وفن الجلوس إلى المائدة وعلى الحكمة والفلسفة... وعلى الوجع الإنساني...
وعلى الفضاء وأعماق البحار... وعلى القضاء والقدر.... وكأنه أحد الخلفاء الراشدين...
يا الله!... نعتقد بأنه المنقذ... ونتهيأ لسماعه من جديد علّنا لم نفهمه في المرة السابقة....
وحين نسمعه يغني ونسمع كلمات الأغنية نشعر بأننا قد سمعناها من قبل... مع أنها حديثة الولادة والعهد
وصدرت ضمن ألبوم جديد صمم ليضرب!... وماذا يضرب؟... لا نعرف... ولكننا سنعرف لاحقاً…
الكلمات التي نسمعها هي نفسها... حتى إننا نعرفها قبل ان ينطق بها «مطربنا» العظيم. حتى إننا نعرف ماذا يقصد أو يريد... قبل أن يغني... وحتى الكلمات المقبلة نتنبّأ بها...
فالوزن الشعري يتكفل بهذا...
وبعد سماعنا الأغنية.... نسأل أنفسنا:
هل هذه الأغنية التي دخلت أذني هي دواء وعلاج أم هي مرض عضال؟...
هل هي واقعية تتكلم على أوجاعي... هل هي جمالية تزيدني جمالاً أم هي عفنة؟
لا نعرف...
أما اللحن... يا سلام!... صوت «الدربكّة» أعلى من صوت «المطرب» وأعلى من أصوات الآلات الباقية... لأن الدربكّة تحرك «الخصور»... وحين تتحرك الخصور لا حاجة إلى الآذان...
أما حين يعلو صوت «المطرب» على صوت «الدربكّة»... نندم ونترحم... وحينها فقط... يزيد حبنا «للطبلة والدربكّة»....
أما الموزع الموسيقي... فهو كالذي يوزع الصحف في الصباح... نفتح الباب... نحملها... نتصفّحها... ولا نجد فيها إلا الأخبار المكررة بحيث إننا لو أزلنا عنها التاريخ لقرأناها في كل يوم وكل سنة...
أو إنه، أي الموزع الموسيقي، كالذي يوزّع النعيات في الصباح.. حيث إننا ننزعج من سماع صوته أكثر من انزعاجنا لنبأ موت أحد ما... ربما لأن الموت عندنا بات أفضل من حياة كهذه...
أما عن كيفية صناعة هذه الأغنية... «الضاربة»... عرض الحائط بكل ذوق سليم وفن جيد....
... فإليكم السر...
إذا كنتم من الذين لهم خبرة في «الكمبيوتر»، فإن صناعة الأغنية عندنا تحصل «بكبستين»:
Ctrl –C الأولى
Ctrl-V والثانية
سهلة جداً! سفرة واحدة إلى تركيا أو الهند أو اليونان... عبر الإنترنت... تسمع الأغنية ثم
Copy - Paste أي Ctrl-C – Ctrl-V
ثم تحذف الكلمات التركية أو اليونانية أو الهندية... وتضع في مكانها كلمات عربية.... و«خلصة لحكاية»...
فن راقٍ... عظيم... مؤثر....
إن أفضل ما نستطيع فعله في هذه الحالة، كي نحمي السمع والبصر من التلوث الموسيقي و«الكلماتي»...
Shift-Delete-Yes من أصوات «فنانينا» النشاز، هو التالي:
ونهائياً...أي Deleting it
هذه يا إخواني وأخواتي هي الـ«مسيئة» العربية...
«طرب وأصالة... وإبداع»... في النقل والتزوير...
«مسيئة» ما يطلبه المستمعون ومسيئة «الجمهور عاوز كدا»....
وما زالت «كدا» مجهولة الهوية… أهي فنانة من فنانينا «العظماء» أيضاً؟… لا نعرف؟
ولكننا يا ليتنا نعرف... كي نتخلص منها... مرة واحدة.... وإلى أبد الآبدين... آمين!