آن ندّور
بدا القضاة جمعاً من المتباهين، المكلّسين، والحضور رعاعاً من المنقادين. كان المتّهم في القفص ينظر إلى الأرض بشقاء غير آبه بالأنظار الموجّهة إليه شرّاً وكرهاً وحقداً. كانت الصرخات تتعالى: نريد «دم الخائن». لم يتفوّه بكلمة. همَّ القاضي بنطق الحكم. قاطعه صوت قوي: «ماذا فعل»؟ أجاب الجمع الغفير: «صلب المسيح مقابل ثلاثين من الفضة». خان المسيح بقبلة. توجّه صاحب الصوت القوي إلى يهوذا متسائلاً: هل فعلت هذا؟ أجاب بحزن قوي: «نعم»! قهقه صاحب الصوت القوي بجنون وصرخ في الجماهير المكتظّة: ألم تصلبوه أنتم أيضاً؟ بأيّ حقّ تحاكمون يهوذا وأنتم أسوأ منه؟ بأيّ حقّ يحاكم مجرم مجرماً مثله على جريمة مشتركة؟ إنّ يهوذا هذا أصدق منكم، لأنّه صلب المسيح مرة واحدة واعترف. أما أنتم... ساد صمت لئيم بين الحضور. قاطع أحد القضاة صاحب الصوت القوي بخبث: خُذ الخائن واغربا إلى الأبد. بعد عدّة أيام،. وُجد يهوذا منتحراً. بدا وجهه أكثر سعادة وأكثر حرية. كان يحمل ورقة كتب عليها: أنا يهوذا الإسخريوطي أقرّ وأعترف بأنّي أسلمت صديقي ومعلّمي إلى أعدائه. لقد كتبت هذه الرسالة لتتوارثها الأجيال، ليدركوا نذالتي وخسّتي. أنا أدرك أنني خائن، أنّني مجرم. لقد حاكمت نفسي، وها أنا اليوم أملك الشجاعة لأحرّر نفسي من جريمتها. أنا لا أسألكم أن تسامحوني، فأنا لن أسامح نفسي أبداً. أنا أسألكم أن تنظروا في المرآة دوماً وأبداً لتتذكروني ولتدركوا بأنني أقيم في نفس كل بشري.