أدهم صادق ينفعل قائد المقاومة الإسلامية أمام الحشود في ذكرى القيادي في حزب الله عماد مغنية فيجتزئ من التاريخ بعضه ليصادره كلّه حقّاً حصريّاً لحزبه المقاوم في الانتصارات والشهداء.
فهو يستند على بن غوريون في مقولة زوال إسرائيل إثر أول هزيمة يمنى بها جيشها، وهذا ما تحقق في تموز 2006 ويسهو عن ذكر هزائم إسرائيل في معارك الكرامة والاستنزاف نهاية الستينات وحرب العبور في أكتوبر 73 والانسحاب الأول من الجنوب عام 85.
كما أرّخ سماحته للمقاومة اللبنانية في ثلاث مراحل وثلاثة عناوين: مرحلة 82/85 وعنوانها الشهيد راغب حرب، مرحلة 85/92 وعنوانها الشهيد السيد عباس الموسوي والمرحلة الثالثة وعنوانها القيادي عماد مغنية. لكن بالاطّلاع على تاريخ المقاومة اللبنانية نلحظ ما يأتي:
أولاً: المقاومة اللبنانية تأسيساً وبعثاً وريادةً هي مدينة في علة وجودها وقيامها إلى إمامنا المغيّب موسى الصدر في إطلاقه أفواج المقاومة اللبنانية «أمل» حفظاً لقرى الحدود المهدَّدة.
ثانياً: في نهاية السبعينات بدأت المقاومة مع القائد الشهيد مصطفى شمران في بيادر العديسة والطيبة وصف الهوا وشلعبون، ومن شهدائها آنذاك: محمد رضا الشامي وفلاح شرف الدين.
ثالثاً: بعد اجتياح 82، أطلقت المقاومة حركة أمل في خلدة والضاحية الجنوبية، ومع «جبهة المقاومة الوطنية اللبنانيّة» في بيروت وقوات الفجر في صيدا لتصل إلى الجنوب مقاومة عسكرية بقوة ميدانية قادها الشهيد محمد سعد ومعه الشهيدان خليل جرادي وداوود داوود في كل قرى جنوب الليطاني، والقائد الشهيد نعمة هاشم في قرى شمال الليطاني. فمحمد سعد شكّل خلايا المقاومة المسلحة في القرى، وجعل أهلها مقاومة شعبية منتفضة على الحصار (معركة ـ طورا ـ بدياس ـ برج رحال) وأطلق العمليات الاستشهادية (أحمد وحسن قصير ـ بلال فحص).
وفي زمن هروب علماء الدين عبر البحر، تعاون مع القلة الصامدين منهم كالشيخ راغب حرب وبعض أئمة القرى، الذين شكّلوا من على منابر الحسينيات، والمساجد مقاومة الموقف سنداً لمقاومة السلاح، فاعتُقل الشيخ راغب وآخرون. هنا أطلق محمد سعد الاعتصامات المفتوحة في جبشيت والحلوسية، وسواهما التي أرغمت المحتل على إطلاق سراح الشيخ، لكن مخابراته عادت فاغتالته في شباط 84، محاولة خنق صوت المقاومة، واغتالت محمد سعد في اجتماعه الموسع مع فعاليات صور في حسينية معركة في الرابع من آذار عام 85 والذي كان معقوداً لوضع خطة صمود في مرحلة تصدي القبضة الحسينية للقبضة الحديدية واستشهد نعمة هاشم في ملحمة الزرارية في 11 آذار. هنا أصاب الرئيس بري مقولة «استشهد نصف الجنوب» فأكمل النصف الثاني رحلة التحرير.
رابعاً: بعد التحرير الأوّل عام 85، اشتعلت أرض الجنوب بمجاهدين، واستشهاديين انتموا إلى الحزب القومي، حزب البعث، الحزب الشيوعي، حزب الله، حركة أمل، بين عامي 85 و86 وصولاً إلى بداية التسعينات، حيث انحسرت أدوار، ومساهمات الجميع لأسباب داخلية وإقليمية لمصلحة حزب الله.
فمع جزيل الإكبار للمقاومة الإسلامية قيادةً، ومجاهدين، وشهداء ناهزوا الألفي شهيد، لا بدّ من عنونة المقاومة بأسماء كل أعلامها وفصائلها. فلنتذكر جورج حاوي، محمد سليم، زهير شحادة، حسن داوود وحكمت الأمين، كما قادة المقاومة الإسلامية (سمير مطوط ـ رضا الشاعر ـ رضا ياسين، الحاج ساجد ـ محمد بجيجي...) مع إنعاش الذاكرة الوطنية، بإنصاف جنوب المقاومة المعلومين والمجهولين، وأولهم الشعب اللبناني، ولا سيما الجنوبي الصامد حيث كتابة التاريخ تستدعي إحاطته من كل جوانبه، والإلمام بكل حقائقه ووقائعه...