هلال شوّال يبدو أن جوّ شبه التهدئة الذي ساد خلال شهر رمضان، أتاح للكاتب حسان الزين («الأخبار»، 10/9/2010) فرصة أن يستشرف هلال شهر شوال، لكن على طريقته الخاصة. فمن دون أية مقدمات، استشعر الإهانة بـ«أن يقرر أصحاب الشأن موعد العيد لدى المسلمين»، متسائلاً «ما سبب إصرارهم على احتكار القرار في هذا الشأن وشؤون أخرى وما سبب رفض أي اقتراح علمي يسهّل التقويم».
وما لبث أن ساقه قلمه إلى هذه التعابير التي أقتطف بعضاً منها من مقالته (ديكتاتورية، تهميش، إهانة، تنغيص، الإمساك بالبشر، مزاجية، حفلة تخلف، احتكار، سلطة، نفوذ، سيطرة، استقتال، تقسيم، تبديد، فوضى، إلغاء
الآخر، تخلّف مذهبي، تخلف ديني، مأساة...). مهلاً صديقي، لنتوقّف قليلاً عن استعراض الباقي، واسمع هذا الاقتراح:
يمكننا أن نستفيد في ظل هذا التقدم العلمي في غير ما ذكرت. ماذا لو نقترح على أصحاب الشأن أن يكون شهر رمضان في شباط مثلاً؟ شهر شمسي، جميل، 28 يوماً، «ومنرتاح من كل وجعة هلراس». اقتراح منطقي؟ «طيّب»، فلنترك هؤلاء «المتحجرين والمتحكمين برقاب الناس و...». لنذهب إلى علماء الفلك لنستعين بهم في تحديد أوائل الشهور القمرية، ولنستعِن بمسّاحي المسافات وعلماء نفس وأطباء ليبيّنوا لنا مدى تأثير السفر مسافة22 كلم على الصائم. فلم يعد زماننا كذلك الزمان، ولم نعد نسافر على الدابّة... وهكذا بالنسبة إلى باقي الأحكام كالحج والعمرة والقرض والتجارة. فقد خلقت لزمان غير زماننا، ولتكن هذه الاقتراحات تحت عنوان «تحديث الأحكام» أو بلغة حضارية أكثر «UPDATE»! «وخلي حدا يقول لأ». ستكون عباراتك السابقة ـــــ التي تصلح كمرجع للشتائم ـــــ بالمرصاد.
سأكتفي بهذا لأقول الآتي: لقد ذهبت يا أستاذ حسان بعيداً. الاستهلال أمر تعبّدي محض. نحن نتعبّد بالاستهلال بالرؤية، التزاماً منّا بأمر رسول الله إذ قال:1ـــــ «صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته». 2 ـــــ «إذا رأيتم الهلال فصوموا، وإذا رأيتموه فأفطروا، فإن غُمّ عليكم فصوموا ثلاثين يوماً». 3 ـــــ «لا تقدموا الشهر حتى تروا الهلال، أو تكملوا العدة، ثم صوموا حتى تروا الهلال أو تكملوا العدة». وأنت تعلم أنه «لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى». ذلك يعني أنه أمر إلهي، وذلك يعني أيضاً أنّ علينا الإذعان لحرفيته وكيفيته.
فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر، فاعتبروا يا أولي الأبصار. قولوا باللّه عليكم من طلب منكم أو أمركم بأن تصوموا أو تفطروا على ولادة القمر فلكياً؟ فهل ظننتم أنه لم يكن في تلك الأزمنة علماء فلكيون؟ فلماذا لم يطلب منهم النبي العون؟ ولماذا نحمّل أنفسنا وزر شيء لم يجبرنا أحد على حمله؟
فؤاد الزيّات

«الأخبار»: إنّ أيّاً من عبارتَيْ «تخلّف ديني» و«تخلّف مذهبي» العنصريّتين لم ترد في المقال المذكور.