وإذ يبدو أن الاتفاق بين تونس والاتحاد الأوروبي بشأن قضايا الهجرة، يمكن أن يخفّف من الضغوط الأوروبية على نظام الرئيس قيس سعيد، فقد ألغت تونس، أمس، بحسب معلومات «الأخبار»، زيارة المقرّرة الأممية لاستقلالية القضاة والمحامين، مارغريت ساتروثوايت، من دون أن تعلن المفوّضية أيّ معلومة عن أسباب إلغاء الزيارة. على أن هذه الخطوة تؤكد مضيّ النظام في رفض ما يعتبره تدخّلاً خارجياً أو إملاءً، حتى في سياق التنسيق مع الجهات الأممية التي يُفترض أن تكون تونس ملتزمة بالتعامل مع مؤسّساتها وملزَمة بتنفيذ توصياتها.
لا يزال مجلس النواب يناقش، فصلاً بفصل، نظامه الأساسي
على الصعيد الداخلي التونسي، ينتظر الرأي العام مبادرة «الاتحاد العام التونسي للشغل» وبقية شركائه، والتي طال الإعداد لها، وسط حديث مصادر نقابية عن أن إطلاقها سيكون في الأول من أيار. وفي الانتظار، أصدر الاتحاد بياناً بمناسبة «عيد العمال العالمي» انتقد فيه «النزعة الاستبدادية التسلّطية» لحكم سعيد، و«شيطنة كلّ من يخالفونها الرأي وتلفيق التهم ضدّهم والتضييق على حقهم في المعارضة». كما انتقد مجمل الخيارات الاقتصادية للحكم ووصفها بـ«الليبرالية»، مستنكراً التفاوض الأحادي مع «النقد الدولي». مع ذلك، لم تضع «منظّمة الشغيلة» أجندة واضحة لتحرّكاتها، علماً أن إيقافات جديدة طاولت عدداً من قياداتها الوسطى، فيما يُرتقب خطاب أمينها العام، نور الدين الطبوبي، يوم الإثنين، للوقوف على جديد تحرّكات الحلّ السياسي.
وعلى رغم هذا الترقّب، فإن سعيد أعلن، مراراً، رفضه الضمني لمبادرة «اتحاد الشغل» حتى قبل إطلاقها ومعرفة مضامينها وآلياتها، لا بل إنه ماضٍ في محاصرتها بكلّ السبل قبل ولادتها، إذ تمّ توجيه استدعاء إلى المحامي بسام الطريفي، رئيس «الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان»، وأحد شركاء الاتحاد الثلاثة في المبادرة، من قِبَل وحدة مختصّة في الجرائم الإرهابية. وجاء هذا الاستدعاء في مخالفة للإجراءات القانونية لسماع المحامين، حيث يحق فقط للوكيل العام في محكمة الاستئناف سماع المحامين. كما أتى في سياق ملاحقة الأجهزة الأمنية لشخصيات حقوقية عديدة، وخصوصاً ربطاً بـ«قضية التآمر»، وهو ما خلق حالة من التوجّس لدى عدد كبير من النشطاء الحقوقيين والسياسيين.
في الأثناء، لا يزال مجلس النواب يناقش، فصلاً بفصل، نظامه الأساسي، فيما لا يبدو أنه سيتمكّن من خلق بعض التوازن في منظومة الحكم، عبر إقرار مراقبة جادّة ومسؤولة للسلطة التنفيذية. وممّا يعزّز هذا التوقّع، سقوط فصل يتعلّق بإمكانية إعلان نائب أنه ينتمي إلى المعارضة داخل البرلمان - وذلك في مداولات الأسبوع الجاري -، الأمر الذي يؤشّر إلى نيّة «تدجين» المجلس، المطعون في شرعيته أصلاً من قِبَل المعارضة، حتى قبل بدء أعماله. وعلى رغم ما تَقدّم، تؤكّد مصادر «الأخبار» أن عدداً من النواب الذين قد يتجاوزون الخمسين عضواً من أصل 161، يقتربون من الائتلاف في ما بينهم، في ما يمكن أن يشكّل قوّة نقد كبيرة للحكومة من داخل السلطة التشريعية.