ندّد البرلمان المغربي، اليوم، بالإجماع بالانتقادات التي وجّهها نظيره الأوروبي لحريّة الصحافة في المملكة وقرّر «إعادة النظر» في العلاقة الثنائية بسبب ما اعتبره «تدخّلاً أجنبياً» و«ابتزازاً».
وفي ختام اجتماع مشترك لغرفتيه قرّر البرلمان «إعادة النظر في علاقاته مع البرلمان الأوروبي وإخضاعها لتقييم شامل»، ردّاً على تبنّي البرلمان الأوروبي الخميس الماضي نصّاً، غير ملزم للمفوضية الأوروبية، يطالب السلطات المغربية «باحترام حرية التعبير وحرية الإعلام»، ويعرب عن «القلق» إزاء «ادّعاءات تشير إلى أنّ السلطات المغربية قد تكون رشت برلمانيين أوروبيين».

ولقي النصّ الأوروبي انتقادات في الرباط التي تؤكّد دائماً بخصوص هذه القضايا على «استقلالية القضاء» وتشدّد على أنّ الأمر يتعلّق «بقضايا حقّ عامّ».

وفي السياق، قال رئيس «كتلة التجمّع الوطني للأحرار»، التي تقود الغالبية الحكومية، محمد غيات: «لن تخيفنا قراراتهم ولن نغيّر مسارنا ومقاربتنا»، مندّداً بـ«دول اعتادت على الابتزاز».

بدوره، ندّد النائب أحمد التويزي عن «حزب الأصالة والمعاصرة» (الغالبية) بـ«انتهاك سيادة دولة شريكة» للاتّحاد الأوروبي، مشيراً إلى أنّ «منطق الابتزاز والتعالي لن ينفع مع المغرب». واتّهم فرنسا، من دون أن يسمّها، بالوقوف وراء قرار البرلمان الأوروبي، قائلاً إنّ هذا القرار يقف خلفه «بلد كنّا نعتقد أنّه صديق وشريك موثوق به، لكنّ رائحة الغاز أفقدته صوابه».

وجاء التلميح إلى باريس كذلك على لسان نواب آخرين، على خلفية التقارب بينها وبين الجزائر الذي يثير حفيظة الرباط، وذلك في سياق توتر إقليمي حادّ بين الجارين المغاربيين حول قضية الصحراء الغربية.

وأجمعت أحزاب المعارضة البرلمانية بدورها على إدانة توصية البرلمان الأوروبي، لكنّ الأقلية اليسارية في البرلمان دعت إلى «الطيّ المترفع وبالأسلوب المناسب لبعض الملفات التي يستغلّها الخصوم في التهجّم السخيف على بلادنا»، كما قال النائب عن حزب التقدم والاشتراكية رشيد حموني.

من جهتها، جدّدت النائبة عن فيدرالية اليسار الديموقراطي فاطمة التامني المطالبة «بإطلاق سراح كافة المعتقلين السياسيين»، معتبرة أنّ «المدخل الأساسي لسيادة أيّ دولة هو إقرار الديموقراطية الحقيقية (...) لأنّه هكذا يمكن التصدّي لأيّ مؤامرة».

وركّزت توصية البرلمان الأوروبي خصوصاً على قضية الصحافي عمر الراضي، المعروف بمواقفه المعارضة للسلطات والمسجون منذ العام 2020 وقد أدين بالسجن ستة أعوام في قضيتي «اعتداء جنسي» و«تجسس»، وهما تهمتان لا ينفكّ يؤكّد براءته منهما.

وكانت محاكمته، إلى جانب محاكمتي الصحافيين توفيق بوعشرين وسليمان الريسوني، أثارت انتقادات نشطاء حقوقيين في المغرب وخارجه مع مطالبة بالإفراج عنهم. ويقضي الأول منذ 2018 عقوبة بالسجن 15 عاماً في قضية «اعتداءات جنسية»، بينما اعتقل الثاني في العام 2020 وحُكم عليه بالسجن 5 أعوام في قضية «اعتداء جنسي»، وجميعهم أنكروا التّهم مندّدين بمحاكمات «سياسية».