وفي هذا السياق، يسعى صالح، مستنداً إلى أغلبية برلمانية هشّة نسبياً، ومتّكئاً على قضايا فساد يُجري النائب العام تحقيقات فيها، بما يشمل وزارات عدّة صدرت قراراتٌ بحبْس مَن يتولّونها، إلى إقالة حكومة الدبيبة، وتشكيل حكومة جديدة لا يكون رئيسها قادراً على خوْض الانتخابات الرئاسية المقبلة. في المقابل، يتمسّك الدبيبة بالبقاء في السلطة، مرتكزاً على دعْم من مستشارة الأمين العام للأمم المتحدة، ستيفاني وليامز، التي ترغب في التمديد للرجل حتى إشعار آخر، لقناعتها بأنّ تشكيل حكومة جديدة سيُطيل أمد المرحلة الانتقالية التي كان يفترض أن تنتهي بإجراء الانتخابات في 24 كانون الأول الماضي. وعلى رغم أن وليامز تُحاول تجنّب الظهور كطرف منحاز إلى أحد أقطاب الأزمة، عبر فتْح قنوات تواصل مع جميع هؤلاء، إلّا أنّ تحرّكات صالح تبدو أكبر من قدرتها على المناورة. من جهته، يحاول حفتر إبرام تفاهمات مع شخصيات سياسية كأحمد معيتيق وفتحي باشاغا، اللذين يرغب كلّ منهما في الحصول على منصب رئيس الحكومة حتى لو لم يترشّح للرئاسيات، في مقابل ضمانات من حفتر - بعد وصول الأخير إلى سدّة الرئاسة - بضمان بقائه في السلطة، في ظلّ عدم وجود مانع قانوني يحول دون استمرار رئيس الحكومة في منصبه إثر إتمام الاستحقاق الانتخابي.
يتمسّك الدبيبة بالبقاء في السلطة، مرتكزاً على دعْم وليامز
إزاء ما تَقدّم، تُحاول وليامز، التي تدْفع في اتّجاه الإسراع في إجراء الانتخابات بأيّ شكل، تقريب وجهات النظر بين الأطراف المختلفة، وممارسة أقصى الضغوط الممكنة للتوصّل إلى خريطة طريق قابلة للتنفيذ، لكنها تُواجه في خضمّ ذلك تحدّياً إضافياً متمثلاً في مسألة تمديد مهمّة بعثة الأمم المتحدة في ليبيا، من قِبَل مجلس الأمن. إذ إن روسيا تتحفّظ على أداء البعثة الحالية، خصوصاً في ظلّ بقاء منصب المبعوث الأممي شاغراً بعد استقالة يان كوبيش الشهر الماضي، وتكليف وليامز بأداء مهامّه بالإنابة، باعتبارها مستشارة للأمين العام، أنطونيو غوتيريش. ولا تحبّذ روسيا استمرار وليامز في منصبها الذي انتزعه لها غوتيريش من دون مشاورة الأطراف المعنيّة، كما ترفض تمديد مهمّة البعثة حتى أيلول المقبل، في ظلّ تَوقّع الأمم المتحدة إمكانية إجراء الانتخابات في الصيف. وبينما تطالب موسكو باختيار مبعوث أممي «أصيل» إلى ليبيا، فهي تقترح تقليص التمديد حتى نهاية نيسان، مع إمكانية تجديده إنْ لزم الأمر. وإن كانت ثمّة إمكانية لقبولها تعيين وليامز مبعوثة أممية، فإن المهمّة الأصعب ستظلّ إقناعها بالتمديد إلى ما بعد نيسان.