لم يصدر السراج ردّ فعل قوياً على الخرق، رغم تهديده بالعقوبات الدولية
بصرف النظر عمّن بدأ الخرق، يبقى من الواضح أن الاتفاق المشترك، الذي جاء برعاية بعثة الأمم المتحدة، لا يزال هشاً، رغم محاولات تثبيته باجتماعات متتالية. لكن الاشتباكات المتجددة، تثبت أن «قوة فضّ النزاع» التي شكلتها حكومة «الوفاق الوطني» قبل أيام، المكونة من كتائب تنحدر أساساً من مدينتي مصراتة والزنتان، لا تزال عاجزة عن أداء الأدوار الموكلة إليها. بل تعكس أيضاً، عدم إيمان التشكيلات العسكرية المتنازعة بمضمون الاتفاق، وبما أن الأخير ليس غاية بحدّ ذاته، فإنه يظل قابلاً للانهيار إذا اعتبرت القوات المُهاجمة أن مطالبها لم تُحقق، أو في حال اتخاذ تدابير ترى الميليشيات الطرابلسية أنها تمسّ بمصالحها، التي راكمتها على مدى عامين ونصف عام (منذ قدوم حكومة «الوفاق»).
رسمياً، لم يصدر رئيس «الوفاق» فائز السراج، ردّ فعل قوياً كما كان متوقعاً، رغم تهديده قبل أيام، خلال اجتماع مع عمداء بلديات المنطقة الشرقية، بأن الفسحة الممنوحة للميليشيات ستضيق كلما تكررت الاشتباكات، وأنه توجد عقوبات دولية قادمة في حال خرق التهدئة. لكن كل ما صدر عن الجهات الرسمية، كان توصية أصدرتها وزارة الداخلية للمواطنين بضرورة الابتعاد عن أماكن الاشتباكات المسلحة، وتوجهها إلى الميليشيات بضرورة «تغليب لغة العقل، والابتعاد عن لغة السلاح، والاحتكام إلى لغة الحوار البناء»، وطلبها من «عقلاء وحكماء المدن»، التدخل لوقف الاشتباكات. البرودة في ردّ الفعل سرت أيضاً على البعثة الأممية الخاصة، فلم تصدر بدورها تهديداً للميليشيات كما كان الحال في الخرق السابق، مع احتمال أن تكون العقوبات بصدد الطبخ على نار هادئة. وأظهرت صور نشرتها البعثة على حسابها في «تويتر»، استقبال رئيسها غسان سلامة، وفداً من بلدية مدينة مصراتة. لكن الاجتماع لم يكن بعيداً عن أجواء العاصمة، إذ أكد سلامة أن «موقف البعثة واضح بأن لا يُستبدَل فريق مسلح بآخر، وبأن تكون كل القوى التي تحمي العاصمة نظامية، ومن جميع المدن».
كلام سلامة يبدو تفاعلاً إيجابياً مع المطالب التي صدرت عن اجتماع القبائل، المنعقد السبت الماضي في ترهونة، والذي حدد مهلة ثلاثة أيام للتفاعل مع مخرجاته، المتمثلة بـ 12 مطلباً، أهمها «استصدار قرار نزع الشرعية، وحل الميليشيات المسلحة المسيطرة حالياً على العاصمة طرابلس»، ورفض «أي ترتيبات أمنية من شأنها المماطلة أو الإبقاء على الميليشيات أو إعادة تدويرها»، و«تشكيل قوة مشتركة من المدن كافة، قوامها الجيش والشرطة النظاميان».