تونس | لا فرق بين واقع الصحافة في تونس اليوم ووضعها بالأمس القريب الا بالفتوى. ما يحدث بعد «ثورة 14 يناير» أشبه بالسيرك الذي تتحرك على مسرحه بهلوانات ومتسلقون بين مرتزقة يكررون ممارسات ذويهم في التملق للحاكم وبين حكومة لا تتردد في إرسال ميليشياتها لمهاجمة الصحافيين وتخوينهم.الحصيلة مؤلمة ونحن نحتفل باليوم العالمي لحرية الصحافة. في تونس ما بعد «الثورة»، يتعرض الصحافيون للقمع والترهيب والضرب لتتقدم وزارة الداخلية في كل مرة باعتذار رسمي، وتتعهد بفتح تحقيق في القضية من دون أن تسفر هذه التحقيقات عن شيء! آخر الاعتداءات على صحافيي تونس ما حدث لأيمن الرزقي منذ نحو شهر خلال تغطيته مسيرة «الاتحاد العام التونسي للشغل» في مناسبة الاستقلال.
ويبدو أنّ الاعتداءات «المناسباتية» أهون مما حصل منذ أشهر حين تعرّضت القناة الوطنية لهجوم انطلق بتصريح لأعضاء الحكومة ونواب حركة «النهضة» الإسلامية الذين دعوا إلى تطهير الاعلام. الحرب على القناة الوطنية أدت الى تجمهر عدد من أتباع حركة «النهضة» أمام مقر التلفزيون ضمن اعتصام سمّوه «تطهير الاعلام» انتهى باشتباكات بين المعتصمين وموظفي التلفزيون بعدما دعا رئيس المكتب السياسي لحركة «النهضة» عامر العريض إلى بيع التلفزة الوطنية «بسبب عدم جدواها». كان هذا التصريح شرارة انطلاق الاستفزازات من قبل المعتصمين الذين وضعوا لافتة كتب عليها «للبيع» على مقرّ التلفزيون. هذه الاستفزازات استمرت أكثر من 50 يوماً من الاعتصام، وانتهت يوم 23 نيسان (أبريل) 2012 بمناوشات بين موظفي التلفزيون والمعتصمين أدت الى الاعتداء بسكين على الصحافي وليد الحمري. واستمر الهجوم على الصحافة والاستهزاء بالصحافيين عبر التشهير بنقابتهم سواء من خلال النقابة كهيكل أو من خلال رئيسة النقابة نجيبة الحمروني عبر ألفاظ عنصرية وتهم ملفقة سواء من خلال الفايسبوك أو من خلال صحف موالية للنظام تماماً كما كانت جريدة «الاعلان» تفعل إزاء المعارضة أيّام زين العابدين بن علي. هذا دون أن ننسى ما حصل من توقيف تعسفي لنصر الدين بن سعيدة صاحب جريدة «التونسية» والمماطلة في قضية قناة «نسمة» إثر الدعوى المرفوعة ضدّها بتهمة «المساس بالذات الإلهية» بعد عرضها شريط التحريك «برسيبوليس».
تجد الصحافة التونسية نفسها اليوم أمام مراسيم نافذة قانوناً مثل المرسوم 115 المصادق عليه بتاريخ 2 تشرين الثاني (نوفمبر) 2011 الذي ينص فصله الأول على «الحق في حرية التعبير»، لكنّها مراسيم واقعة تحت رحمة قضاء لم يتحرّر من نير التبعية للسلطة التنفيذية وهوى بعض المحامين الذين يريدون الرجوع بنا إلى ديكتاتورية أخرى باسم الدين.