القاهرة | رغم أن قانون «مضاجعة الوداع» لم يكن سوى مزحة إلكترونية ساعدت في انتشارها قيادات إعلامية محسوبة على النظام السابق، أو جهات أمنية، إلا أنّ كثيرين لم يصدقوا أنّها مجرد «مزحة» وأنّ مجلس الشعب لم يناقش على الإطلاق قانوناً يبيح للزوج مضاجعة زوجته خلال الساعات الستّ الأولى من وفاتها! المصدقون يستشهدون بمواقف وفتاوى سابقة للإسلاميين مثل فتوى «رضاع الكبير» وبالأداء السيئ لنوابهم، وبتلقف برامج تلفزيونية عديدة لهذه الشائعة، وبمقالات عديدة تناقش الأمر الذي يمكن التأكد منه بالبحث في مضابط البرلمان!
ويبدو أنّ الأمر يتكرّر مع جماعة الإخوان المسلمين هذه المرة. نشرت «بوابة الأهرام» الإلكترونية ما اعتبرته «انفراداً» صحافياً عبارة عن «قانون جرائم الانترنت» الذي هو مشروع قانون خاص بمكافحة جرائم «الهاكرز» ومنشِئ «المواقع الإرهابية والإباحية» في مصر. وهو القانون المزمع تقديمه للبرلمان لإقراره.
وفي مفارقة غريبة، اكتشف كثيرون أنّ القانون نقل حرفياً من قانون «نظام مكافحة جرائم المعلوماتية» السعودي، مع تغيير قيمة الغرامات لتصبح بالجنيه المصري بدلاً من الريال السعودي.
كما تم اكتشاف أنّ نصّ المادة 12 من مشروع القانون المصري يتضمّن كلمة «المملكة»، في إشارة إلى المملكة العربية السعودية، إذ غفلت المجموعة التي صاغت مشروع قانون حزب «الحرية والعدالة» الاسلامي عن حذف كلمة «المملكة» واستبدالها
بـ«مصر».
لكنّ المتحدث الإعلامي باسم الحزب أحمد سبيع نفى لـ«الأخبار» وجود مشروع قانون مماثل: «الهيئة البرلمانية للحزب لم تتقدم بهذا المشروع وليس من أولوياتنا
الآن».
من جانبه، أكد الأمين العام المساعد للحزب أحمد سليمان أنّ «الحرية والعدالة» لم يتقدم على الإطلاق بأي مشروع قانون لمكافحة جرائم «الهاكرز» ومنشئ المواقع الإرهابية والإباحية، مضيفاً أنّ هذه القضية لم تناقش إطلاقاً داخل لجنة الاتصالات والتكنولوجيا التابعة للحزب، ولم تدخل حتى على جدول الأعمال في جلسات اللجنة. وشدد سليمان على أن الحزب يهتم بقوانين أخرى يسعى إلى انجازها خلال الدورة البرلمانية الأولى مثل استقلال الأزهر والقضاء، والحدّ الأدنى للأجور.
بالتأكيد الحديث هنا عن «هيئة برلمانية» للحزب، لكن ذلك لا يستبعد احتمال أن يكون أحد أفراد الحزب قد تقدم منفرداً بمشروع القانون. لا أحد يملك إجابة داخل الجماعة، لكن المؤكّد أنّ شيئاً من هذا لم يناقش على الأقل حتى الآن.
بالتأكيد، لا تحتاج الحركات الإسلامية إلى اختلاق أكاذيب لتشويه صورتها إعلامياً، لأنّ أفعالها تتخطى خيال المنافسين، خصوصاً أنّ رئيس اللجنة الدينية في البرلمان السيد عسكر أكّد أنّ الجماعة تستعدّ حالياً لإعداد مشروع قانون لتجريم المشاهد الإباحية في وسائل الإعلام وإقراره في مجلس الشعب في أقرب فرصة. وأشار إلى أنّه هو الذي تقدم باقتراح القانون. وقال عسكر إنّ القانون لن يفرّّق بين الأفلام القديمة والجديدة، وسوف «يطبّق على أي محتوى ما دام يضرّ المجتمع». وأضاف: «أي مشهد مسيء سواء كان قديماً أو حديثاً هو قابل للحذف».
وعن طبيعة المشاهد الإباحية التي سيتم حذفها، أجاب: «سيتم تركها للائحة التنفيذية للقانون التي تضعها الحكومة لاحقاً».
والمفارقة الأكبر أنّ الحكومة المدنية دخلت على الخط وقررت المزايدة على تيارات الإسلام السياسي، بتقديم «قانون المجلس الأعلى للبث السمعي والبصري» الذي يعاقب بالسجن أي تجاوز من وجهة نظره حتى لو كان شخصاً يتكلم في غير اختصاصه. وينص مشروع القانون على 12 محظوراً يبدؤها بكلمة «لا يجوز بث البرامج الاباحية أو المخلة بالآداب بالقول أو بالصورة، (...) لا يجوز بث عرض البرامج بطريقة تؤدي الى التقليد. ولا يجوز بث برامج بها تعاطي المخدرات أو المحرمات الأخرى كالخمر والميسر. ولا يجوز بث آراء ذات صبغة مهنية الا اذا كانت من مختص». الجميع إذن يتصارع على تقييد حرية الشعب والإعلام والانترنت، ولا أحد يريد أن يستفيد من دروس الماضي القريب!