مهدي ياغي، اسم قفز أخيراً إلى دائرة الضوء من بين أسماء العشرات من شهداء «حزب الله»، عبر فيديو مسرّب من سبع دقائق يحمل اسم «الوصية العفوية»، ويظهر لقطات عفوية صوّرت معه في أيلول (سبتمبر) عام 2009. عرض الفيديو مشاهد من كواليس وصيّة الشاب، يُخرج فيها طباعه العفوية بلكنته البقاعية، ويقصد الإعلام الحربي في الحزب عادةً توثيقها من دون علم الشخص الذي يقرأ وصيّته، ليعرضها لاحقاً على قناة «المنار» مولفة مع الاحتفاظ بكواليس التصوير.
تخيّل ياغي سيناريو خاصاً بوصيّته، والحوار الذي سيجري مع والدته بعد استشهاده، فأوصاها بأن تذكره كرجل «منيح ومتسامح». هذه اللحظات كانت كفيلة بإحداث ما يمكن تسميته بـ«تسونامي» اجتاح وسائل التواصل الاجتماعي عبر الكتابات، فنظّمت له القصائد وتماهى كثيرون معه، وصمّمت له البوسترات. وجهه ذو الملامح البريئة والوسيمة كانت بمثابة أيقونة حملها محبّوه وآخرون تمثّلوا به وبعفويته، وبعدم اكتراثه للدنيا وما فيها. يقول الشاب في الشريط «هلأ عم إحكي متل هول تبع التلفزيونات، أنا ما بدّي حور عين، أنا بالإعراب كنت فاشل لا بعرف المبتدأ من الخبر». هذه العبارات سرعان ما وثِّقت كتدوينات على صفحات الناشطين للاقتداء بها مثل أيّ زعيم سياسي أو ديني تؤرّخ كلماته، وتؤخذ كمجموعة مواعظ ويُصار إلى الامتثال بها.
الأمر لم ينته هنا. شكّل هذا الشريط «الوصية العفوية» مدخلاً للولوج إلى حياة ياغي الشخصية، فشاهدنا سلسلة فيديوات موقّعة من «محبّي الشهيد»، تظهر فيها مشاهد تفاعله، وتعامله مع الناس. كذلك شاهدناه يلاعب ابنه البكر (كرّار) أمام الكامير، ولم يبخل ياغي في الأصل في لقطاته العفوية بأن يُورد علاقته مع أهله وزوجته. يسأله المصوّر: ماذا عن والدك؟ فيجيب «بيّي ما رح يسامحني إذا استشهدت». يورد في مقطع آخر «بيّي ع سلامة عينو اشتغل تيأمّن اللقمة». ويخاطب زوجته بالقول «ما تنسي اللي اتفقنا عليه».
ليس مهدي أوّل أو آخر شهيد للحزب، لكنّ سحراً ما قاد هذا الجمهور إليه إن صحّ التعبير. لعل ملامحه الوسيمة والجذابة، وعفويته اللامتناهية، شكّلت أرضيةً خصبةً لمرور هذا التماثل مع ياغي إلى حدّ الالتصاق والانصهار وصولاً إلى أن البعض تمنّى الالتحاق به وحقّر وجوده على الأرض بعيداً عن ركب الشهداء. لكن يسأل أحدهم: «ماذا لو كان مهدي لا يملك ملامح جذابة، فهل كان سيلاقي كل هذا الاحتفاء والرمزية؟».
ثلاث سنوات فاصلة بين تسجيل الوصية في أحد المواقع العسكرية، وبين تسريبها بعد ثلاثة أشهر على استشهاد ياغي. مدّة لم تكن كفيلة بقتل تلك اللحظات العفوية، بل أرّخت معها قصة شاب مقتنع بالدرب الذي سلكه من دون خوف ولا تراجع. كذلك سيّرت معها عقول كثيرين من أبناء جيله ووجدان كل منهم، حتى بدا الخروج عن هذا المشهد كالظهور بصورة المتخاذل أو اللامبالي، فقيل له «أجمل حلم أنت، أنت العمر كله، وما أضيق العيش دونك». مشاهد السبع دقائق إذاً أخرجت قطعة «الكريستال» من بين أقرانها، لتسرق الأضواء وتشعّ وحدها في الميدان فكان... مهدي ياغي.
يمكنكم متابعة زينب حاوي عبر تويتر | @HawiZeinab
8 تعليق
التعليقات
-
طيب احكولنا كيف ووين استشهد؟استشهد ضد اكلي الاكباد والقلوب التكفيريين , هل هذا يكفي ؟ ان الارض التي انجبت هذا الشهيد لا تنجب اشخاص لا هم لهم سوى سرقة الناس لتكوين ثروات وبذخها في يخوت وطائرات وكازينوهات وغيره .
-
طيب احكولنا كيف ووين استشهد؟طيب احكولنا كيف ووين استشهد؟
-
بسمة القمرعلت البسمة وجه القمر...وفاض نوره الوضاح وانتشر...والثغر باسم بإنشراح...والهدى باديٍ على محياه....امتشق الحسام وزأر..وقال يا اعتى البشر...يا ابناء مناة وهبل ...والهة الظلام الأُخر....لا وألف لا ....ثم لا وألف لا ...لن تسبى بنت حيدر الكرار ...بعد ان كان ذلك قد حصل....فقسما بسيفه ذي الفقار...سأكون عليكم كما كان سيفه على أجدادكم ......بتاراً بتاراً بتار....وأكُلّكم بيميني ويسراي.....قمر الزمان تبسم من وجهك مهدي....وقال تسبيحة صباحه ومضى...فبعدك لن يشرق القمر....وما هم ان كان بعدك قد فعل..فقد أشرقت الأرض اشراقها...بنور وجهك الفياض الذي ظهر......بضعة من نور ربي الذي أمر....أهديك روحي وعقلي وفؤادي والنظر ... مهدي ياغي...أبكيت القلوب والعقول والأرواح والمُقل......وكذلك السماء والشمس والشجر....بأمان الله...يا حبيب الله...
-
الله يرحمك يا مهديمن يصدق أن بلداً أنجبت مهدي تنجب سعد الحريري
-
الله يرحمك يا غالي .. شكراًالله يرحمك يا غالي .. شكراً زينب حاوي ، شكراً للأخبار