أوقفت وحدة من الشرطة، يوم الإثنين الماضي مدير عام إذاعة «موزاييك» (أوّل إذاعة خاصة في تونس والأكثر أستماعاً منذ عشرين عاماً)، نورالدين بوطار، وفتّشت منزله قبل أن تقتاده إلى ثكنة القرجاني (وزارة الداخلية) حيث خضع للتحقيق.وفي الوقت الذي لم تصدر فيه وزارة الداخلية أي توضيح بشأن بوطار (صحافي ورئيس تحرير عمل سنوات طويلة في جريدة «الشروق» الشهيرة)، أفادت محاميته دليلة مصدق التي حضرت معه في المساءلة التي امتدت لساعات بأنّه لم توجّه أي تهمة لنورالدين بوطار بل سئل عن ممتلكاته والتزامه بدفع الضرائب وعن الشركاء في «موزاييك» وعن الخط التحريري للإذاعة. وهي النقطة التي أثارت الكثير من ردود الأفعال، واعتُبرت تعبيراً عن إرادة لدى الحكومة للتدخّل في الخط التحريري للراديو الذي يحدّده ميثاق عمل أنجزه الصحافيون باستقلالية تامّة عن الإدارة. كما سُئل بوطار أيضاً عن اختيار المحللين الذين يعملون في «موزاييك».
وأثار توقيف بوطار احتجاجات في أوساط الهياكل المهنية مثل «نقابة إذاعة موزاييك» و«النقابة العامة للإعلام» (الاتحاد العام التونسي للشغل) و«جامعة مديرو الصحف» و«النقابة الوطنية للصحافيين» التي طالبت بإطلاق سراحه وإبطال كلّ التتبعات في حقّه، معتبرةً أنّ توقيف بوطار يشكّل «تطوّراً خطيراً على صعيد محاولات السلطة الهيمنة على وسائل الإعلام وتركيعها».
وبناءً على ما سبق، تأكد بما لا يرقى للشك أنّ هذه الخطوة تأتي في إطار التضييف الذي تمارسه السلطة منذ فترة على وسائل الإعلام عموماً، وعلى إذاعة «موزاييك أف أم» خصوصاً بهدف إدخالها «بيت الطاعة» وتوجيه خطها التحريري.
واتهمت النقابة رئيس الجمهورية قيس سعيد بمحاولة تدجين الإعلام وإسكاته، معلنةً عن تنظيم «يوم غضب»، غداً الخميس في ساحة الحكومة في القصبة، حيث ستُرفع الشارات الحمر. كما طالبت بالإفراج الفوري عن نورالدين بوطار وإيقاف سياسة «التجويع التي تمارسها الحكومة ضدّ العاملين في المؤسسات المصادرة والمملوكة للدولة».