تتابع المذيعة المصرية ياسمين عز دفاعها المستميت عن الرجال و«حقوقهم المهدورة» في العالم العربي في برنامجها «كلام الناس» على قناة «mbc مصر». ومهما حاول المشاهد تجاهل الدُّرر التي تنطق بها، لا بُدّ من أن تكتحل عيناه وتتشنف آذانه على حين غرّة بأحد مقاطع الفيديو المخصصة لنشر إبداعاتها على مواقع التواصل الإجتماعي. لا ندري فعلاً هل هي مقتنعة بالكلام الذي تتفوه به أم أن أحد العباقرة قد كتب لها هذه النصوص التي تستفز المشاهدين، وقد تمخضت قريحتها أخيراً عن تصريحات تدعو فيها الزوجة الى تفخيم الزوج وتمجيده وإضفاء العظمة علي من خلال مناداته بأستاذ أو «بش مهندس»: «اذا كان جوزك اسمه محمد، ناديله يا استاذ محمد أو يا استاذ محمد تشرب ايه؟». يبدو أن ياسمين تحن إلى أيام «سي السيد»، وتريد من نساء مصر والعالم العربي أن يقتدين بأمينة زوجة «السيد أحمد عبد الجواد» التي اعتادت انتظار زوجها طوال الليل حتى يعود من سهراته لدى «العالمة زبيدة» ثُمَّ تجلب «الطشت» وتغسل قدميه وهي جالسة على الأرض، لأنَّها لا ترى لنفسها الحق في الجلوس قربه أو الكلام معه إلا إذا أذِن لها. تدعو المذيعة المرأة الى استخدام الصوت الشتوي (أي الصوت الخفيض الناعم) وإلى تسبيل العيون أثناء الكلام مع زوجها الذي يجب عليها أن تحترمه وتعتبره بمثابة «فرعون صغير»، أي أنّ المراة لا يجب أن تكون على طبيعتها بل عليها التحايل والتمثيل ليرضى عنها زوجها.
من ضمن مواقفها الغريبة دفاعها عن أحد الرجال الذي ضرب عروسه في الشارع قبيل زفافهما في حادثة عُرفت بواقعة «عروس الاسماعيلية»، حيث طلبت ياسمين من النساء أن يسامحن ازواجهن في حال تعنيفهن «لو كل واحدة جوزها قالها كلمة أو خبطها خبطة اتطلقت، فستات مصر كلها هتقعد في بيوتها، الراجل طبعه حامي وحمش ومراته دورها إنها تحتويه». يا نساء العالم العربي نرجو منكن تقبّل الإهانات الجسدية والمعنوية بروح رياضية، فكما يقول المثل «ضرب الحبيب زي أكل الزبيب» والضرب مفيد لإعادة تجديد الكولاجين في البشرة، و بناء خلايا جديدة، وربَما تنشيط الدورة الدموية. ثم ماذا سوف يحدث لك أيتها السيدة لو كسر لك ضرساً أو ضلعاً أو اقتلع لك عيناً؟ «بسيطة » لن ينقص منك كروموزم واحد، وبوجود الخلايا الجذعية كل شيء قابل للإصلاح. اعتبري نفسك سجادة تحتاج الى النفض مرة كل شهر، ولتشكري الله على «نعمة» وجود الزوج في حياتك الممِّلة لأنّه «ظل راجل ولا ظل حيطة».
من نصائح ياسمين الذهبية أيضاً للسيدة أن لا تثور ثائرتها اذا خرجت مع زوجها «تاج راسها» إلى المول وقرر الفرعون السير أمامها وتركها تمشي خلفه كتابع، لأنّ الزوج وفق نظريات ياسمين يقوم بتأمين الطريق، أي أنّه يلعب دور القائد العسكري الذي يشق عباب الأرض للجيش الذي يسير خلفه، فكما نعرف جميعاً الطرقات والمسالك البرية والبحرية هذه الايام مليئة بالوحوش الضارية والطيور الكاسرة التي يجب على الزوج الخارق محاربتها لحماية زوجته المسكينة.
ولا تنسي أيتها الزوجة أنّ «كتاف الراجل بالدنيا، فما بالك ببقية الحاجات»؟ فماذا تريدين بعد أيتها المراة الطّماعة الجاحدة؟ فمن الناحية التشريحية البحتة الأكتاف «أي العظام العريضة خلف المنكبين» تكفي لتملأ عالمك السخيف المحدود ولكي تنير الوجود المظلم من حولك. ومن إيتيكيت التعامل مع الزوج أيضاً عدم توجيه ملاحظات له في حال داس على السجادة من دون أن يخلع نعليه لانه «شاري السجادة بفلوسه»، فليمش وليتمختر حيثما شاء وليحضر معه الطين والغبار والنفايات الى المنزل، ولا تنسي أن تضعي كل «فساتينك الماركات تحت رجله» وقولي له« دوس عليها يا حبيبي»!
أما الطامة الكبرى فهي أن تَتَجَرَّئِي وتطلبي منه المال لكي «تعملي شعرك بروتين»؟ هل تريدين أن تسرقي ماله وتعبه لتنفقيه على جمالك لمجرد إرضاء غرورك وحبك للظهور؟ عوضاً عن تبذير فلوس الرجل على المنتجات الغالية الثمن، عليك بأن تُحضّري له «صينية بط بالبرتقال» ليتناولها على العشاء وهكذا تكسبي فؤاده إلى الأبد، لأنَّ الطريق الى قلب الرجل يمرّ عبر معدته كما نعلم جميعاً. علماً أن ياسمين، في إطلالاتها الاعلامية، لم تحرم نفسها من بروتين الشعر وآخر صيحات الماكياج والأزياء. بين نصيحة وأخرى، تُطلق ياسمين تنهيدة طويلة وتتساءل بصوتها «الشتوي»: أين اختفت تلك الأيام التي كانت تترك فيها الزوجة «الحِتة الكبيرة من الفرخة للرجل»؟ ونتساءل نحن معها عن ماهية الطفرة الجينية التي حدثت للنساء في العقود الاخيرة ودفعتهن لالتهام الفراخ بكل شراهة وترك قطعة صغيرة للزوج لا تُسمن ولا تغني من جوع! طبعاً ياسمين الرقيقة تجاهلت كل تضحيات النساء في ظل الأزمات الاقتصادية الخانقة التي تطحن المواطن العربي وتستنفد كل طاقاته، وكيف تحاول السيدات مؤازرة أزواجهنّ والتكيف مع الأحوال المالية الصعبة وتدبير أمور المنزل على قدر المستطاع، كما تناست أنَّ العديد منهن يعملن ويسهمن في موازنة الأسرة.
يعتبر بعض المتابعين أنّ تصريحات ياسمين هي لمجرد ركوب موجة «الترند» وإثارة الانتباه، في حين يعتبر آخرون أن الأمر مُخطط له من قبل صُنَّاع القرار الإعلامي في مصر لجعلها في مواجهة مع زميلتها رضوى الشربيني المعروفة بتطرفها الأعمى في الدفاع عن النساء، وهكذا يتم إلهاء المشاهد بالسخافات والتفاهات والتصريحات المجنونة، فينقسم الجمهور بين هذه وتلك وينسى المصائب التي تحيق به من كل جانب.