لا يمكن فصل ما تقوم به otv، هذه الأيام عن موعد الإنتخابات النيابية الذي يرقى الى الاستحقاق الوجودي بالنسبة لـ«التيار الوطني الحر». بعد سبات دام أكثر من عامين، وتراجع واضح في البرمجة التي تحول أغلبها الى سياسية حوارية، تعود المحطة البرتقالية اليوم، قبل شهرين من الإستحقاق الإنتخابي، ضمن استراتيجية جديدة تقوم على رد الإعتبار الى كل ما تعرض له تيارها السياسي من اتهامات و«أبلسة» إبان تظاهرات «17 تشرين»، وما تلاها من حملات إعلامية ممنهجة على «العهد» وفريقه السياسي. قبل أيام قليلة، دشنت المحطة برنامج «ساعة الحقيقة» ضمن سلّة البرامج التي تحمل لواء مكافحة الفساد. برنامج يمتد على ساعة ونصف الساعة، يحاول مقاربة ملفات أساسية في البلاد كالكهرباء والأموال المنهوبة، و«مصرف لبنان»، والفيول المغشوش، و«سوليدير». وقد تقصد القائمون عليه إضافة اليه عنصر الشباب، عبر استقدام ثلاثة وجوه جديدة على الشاشة، إسقاطاً لتجربة «17 تشرين» كما قالت مسؤولة فريق الإعداد للبرنامج نانسي صعب في مقابلة مع المحطة ضمن نشرة أخبارها. تتوزع الحلقات على أجزاء عدة تتنوّع بين مقابلات مع معنيين، وتقارير إخبارية، وعرض جداول وأرقام تخص القضية المطروحة. ما يميّز البرنامج السلاسة في التحاور بين المذيعين/ ات، مع غياب لأي تكلف بينهم، وإدارتهم للحديث باللغة العامية مع ما يحمله من ملفات نوعاً ما ثقيلة. لكن ما يعيق تصديق هذه المادة ــ على جديتها وتصويبها البوصلة صوب المنظومة الفاسدة ـــ أنها تخرج بفانوس سحري، ومن قلب معمعة الإتهامات بالفساد، وزيراً ينتمي الى «التيار» ويظهّر على أنه حارب هذه المنظومة في وزارته، في سياق دعائي انتخابي واضح. فقد استضافت الحلقة الأولى التي تناولت ملف المهجرين الوزير السابق غسان عطالله، الذي أفردت له مساحة كلامية للحديث عن الفترة التي قضاها في وزارة الشؤون وفضحه أقبية الفساد داخلها. تبعها تقرير ترويجي آخر، يتناول هذه الحقبة ويشيد بانجازات عطالله، مقابل ادانة واضحة وبالأسماء لأحزاب متورطة في هذا الملف على رأسها «القوات»، و«الإشتراكي». ويبقى السؤال حاضر هنا، عن استخدام شماعة فضح الفاسدين في المعركة الإنتخابية القادمة، ودعوة الناخبين بالتالي الى الإنكفاء عن التصويت لهذه الأحزاب مقابل إظهار صورة «يحتذى بها» لوزراء وشخصيات من «التيار» ناهضوا هذه المنظومة. من المفيد طبعاً، إنضمام «ساعة الحقيقة» الى البرمجة التلفزيونية الخاصة لمحاربة الفساد وفضح الفاسدين وسوقهم الى القضاء، لكن وجب لحظ كيفية صناعة هذه المادة وسياقاتها السياسية والتحريرية لتبيان أهدافها.