منذ إعلان الرئيس السوري بشار الأسد عن زواجه من أسماء الأخرس بعد وصوله للرئاسة عام 2000، أصبحت هذه السيدة محطّ أنظار الإعلام العربي والعالمي. هكذا استحوذت ابنة حمص المولودة في بريطانيا عام 1975 على اهتمام إعلامي، وشكلت مع الرئيس الشاب نموذجاً للحداثة. وجد الإعلام الغربي في أسماء صورة جديدة ومختلفة عن زوجة الزعيم العربي، وروّج لها كامرأة عصرية، وظهرت على غلاف مجلة «فوغ» الشهيرة التي وصفتها بأنها «وردة في الصحراء». هذه الصورة عن السيدة الأنيقة والمثقفة، سرعان ما تبدلت مع اندلاع الحرب السورية عام 2011، وسحب الإعلام العالمي كلامه، وبدأت مسيرة «أبلسة» كل ما يتعلق بأركان الحكم في سوريا، وخصوصاً عائلة الأسد ومنهم بطبيعة الحال عقيلة الرئيس السوري، التي رفضت الخروج من سوريا خلال الحرب وبقيت مرابطة إلى جانب زوجها وأولادها الثلاثة في قلب دمشق، رغم أنها تحمل الجنسية البريطانية (هي ابنة طبيب القلب المرموق في بريطانيا فواز الأخرس والدبلوماسية السورية المتقاعدة سحر عطري). أسماء الأسد (خريجة علوم الكومبيوتر من كينغز كوليدج - جامعة لندن) تعرّضت للكثير من الانتقادات بسبب موقفها من الأحداث في سوريا، رغم أنها لم تتدخل في السياسة بشكل مباشر وانصرفت للأعمال الإنسانية وترميم آثار الحرب المدمرة التي طالت البشر والحجر. واقتصر ظهورها على رعاية الأنشطة الاجتماعية واللقاءات مع عائلات الشهداء والجرحى والمفقودين، أو تكريم طلاب وزيارة الجمعيات التي ترعاها.وفي السنة الثامنة على اندلاع الحرب السورية، بدأت أسماء الأسد رحلة معاناة جديدة، هذه المرة كانت مع سرطان الثدي. وخلافاً للمعتاد أعلنت الرئاسة السورية في آب (أغسطس) 2018، عن بدء زوجة الرئيس الخضوع للعلاج الكيميائي.
وبعد عام كامل من الصراع مع المرض لم تغب خلالها عن المشهد، خرجت سيدة سوريا الأولى أمس عبر القناة السورية الرسمية لتعلن انتصارها النهائي والكامل على السرطان، في شريط مصور بعنوان «رحلة من العمر».
ظهرت المقابلة التي امتدت لنحو نصف ساعة خارجة عن المألوف الذي يقدمه الإعلام الرسمي، خصوصاً أن الإعلامية ليزا ديوب التي وقع عليها الاختيار لتقديم هذه المقابلة، مصابة سابقاً بسرطان الثدي وأعلنت شفاءها من المرض أيضاً.
تضمنت المقابلة الأولى من نوعها أسئلة غير معهودة في الإعلام الحكومي. هكذا أعادت المذيعة أمام الأسد كلاماً ردده بعض الشامتين بمرضها، والذين قالوا «خلوها تدوق اللي دوقوا جوزها للسوريين». وهنا ردّت الأسد بالقول «من باع وطنه وترابه، وحمل السلاح ضد أخيه السوري بأوامر من الخارج، ولم يترك أي موبقة لم يرتكبها، هذا لم يترك مكاناً للأخلاق».

بابتسامة مستمرة لا تخفي التفاؤل، أطلت «سيدة الياسمين» كما يحلو لبعض السوريين وصفها، مرتدية فستاناً أبيض مزخرفاً بالياسمين الدمشقي، وبشعر أشقر قصير، بعد عام من ظهورها بمنديل على الرأس، إثر تساقط شعرها نتيجة الجرعات الكيميائية. تحدثت عن تفاصيل رحلة علاجها، وكيف تلقت الخبر ونقلته للعائلة، وكيف كان الرئيس «شريك العمر» إلى جانبها في هذه المرحلة، وتم بث مشاهد وصور شخصية لمرحلة العلاج، أرادت أسماء أن تشارك السوريين بها.
«السنديانة» كما وصفها معلقون على وسائل التواصل الاجتماعي، قالت إن العلاج في سوريا «معنوي» أكثر مما هو علاج طبي، وأنه كان لها الشرف أن تتعالج في المشفى العسكري.
وشجعت الأسد (44 عاماً) كل سيدة فوق الأربعين على إجراء كشف مبكر عن سرطان الثدي كل عام دون خوف، لأن الكشف المبكر عن أي مرض يزيد من نسبة النجاح في العلاج.
وكما يبدو فإن اللقاء شهد متابعة عالية من قبل الملايين، كما يظهر على مواقع التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام التي نقلته، وبارك معظم السوريين لسيدة سوريا الأولى شفاءها من المرض الخبيث.