اقتراع المغتربين يوميّ الجمعة والأحد الماضيين، لم يكن مشهداً مألوفاً في الحياة السياسية اللبنانية. الاقتراع الذي شمل في المرحلة الأولى دولاً عربية، وفي الثانية باقي دول الانتشار في أوروبا، الأميركيتين، وأفريقيا، واكبه الإعلام اللبناني، بمتابعة حثيثة عبر استنفار كوادره، ومراسليه عبر دول العالم. هو اختبار جديد للحياة السياسية في لبنان، وكان أيضاً، محطّ اختبار للقنوات المحلية، في تغطيتها للحدث الاغترابي، تقنياً ولوجستياً وحتى مهنياً.في المشهد الأخير الذي رست عليه هذه التغطية، بعد ساعات طويلة من البث المباشر، ورسائل المراسلين حول العالم، لم تستطع الشاشات بمعظمها، الإحاطة بالمهنية المطلوبة، لتغطية الاستحقاق الإنتخابي. فقد وقع العديد منها، في فخ التسييس، والترويج الحزبي للخط السياسي المنتمية إليه في الأصل. من بين أكثر المحطات فقاعة، برزت otv، التي عنونت تغطيتها «الاغتراب ينتخب». تغطية شابها بشكل جليّ، التوظيف السياسي، لـ «التيار الوطني الحرّ». ركز معظم مراسليها المنتشرين، في السفارات اللبنانية، ومراكز الاقتراع، على ماكينات التيار البرتقالية، أكان على حساباتها الافتراضية، أو على الشاشة الصغيرة. من «ميرنا الشالوحي»، مركزية التيار، وماكينته الرئيسية، ورصد الحركة الاقتراعية في 33 بلداً في الاغتراب، مروراً ببلدان غربية اقترعت أمس، وجدت المحطة البرتقالية، فرصة للترويج السياسي الإنتخابي، وصولاً الى المنصات الاجتماعية، مع نشر فيديوات ورسائل من مواطنين/ات، يرتدون البرتقالي، ويقترعون لصالح التيار.
بعد البرتقالي، كنا على موعد مع تغطية فاقعة أيضاً، مع قناة nbn، التي وضعت ثقلها على وجه التحديد، بين أبيدجان، وألمانيا، حيث الثقل الإنتخابي لحركة «أمل». في عاصمة ساحل العاج، على سبيل المثال، ركّزت مراسلة القناة رشا الزين، على الشوائب التي اعترت عملية الاقتراع هناك، والشكاوى التي رافقتها، وحرمت أعداداً من الانتخاب. ومن برلين، كانت ليندا مشلب، تقف في السفارة اللبنانية هناك، وتركز على الماكينة الإنتخابية للحركة، وتصفها بأنها الأكبر في السفارة والوحيدة التي تجري عمليات الفرز. قناة «المنار» وضعت ثقلها في استديواتها في بيروت، وخصصت جزءاً لافتاً من هذه التغطية لشرح العملية الإنتخابية في الخارج، والأعداد المنتشرة للمغتربين ومراكز توزعهم، كما لم تخل هذه التغطية من بعض التركيز على الجانب الحزبي السياسي.
قناة mtv، التي نشرت مراسليها على بقاع العالم، كان تركيزها منصباً أيضاً، على المقترعين في المتن، والنسبة الأكبر منهم، تقع في باريس. رسالة مراسلتها دنيز فخري، ركّزت على الشق المتعلق بثقل «الأحزاب المسيحية» المنتشرة هناك، مع تسجيلها انخفاضاً واضحاً في أقلام الاقتراع الشيعية (الهرمل تحديداً).
ومع وصول آخر صناديق الاقتراع من السعودية صباحاً، وانتظار باقي صناديق البلدان الغربية، كان واضحاً أن قناة «الجديد» ـــ عبر سلسلة مراسليها أيضاً، المنتشرين في أوروبا وأميركا وافريقيا ـــ تصب جلّ تركيزها على المقارنة بين الديموقراطية الغربية والتجربة اللبنانية. جولة سريعة على رسائل هؤلاء، يتكرر أمامنا السؤال عينه، حول هذه المقارنة، والاقتراع تبعاً للبرامج الإنتخابية أو الأشخاص كما يحصل في لبنان.
وفيما استطاعت lbci، تحقيق توازن في تغطيتها المهنية أمس، مع تسجيل لبعض الهفوات، كالتركيز على الجانب الطائفي للإنتخابات، كما حصل في أستراليا، والتأكيد على طائفة المقترعين المسيحيين الذي يفوقون أعداد المسلمين، كان لافتاً تغطية «المستقبل»، التي خصصت في نشرة أخبارها امس، واليوم صباحاً، حوالي عشرين دقيقة، لتناول جولات سعد الحريري في الشمال، مع تهميش واضح لحدث اقتراع المغتربين.