بدأ النظام المصري بتنفيذ خطته التي أعدّها قبل الانتخابات الرئاسية، إذ تم اتخاذ قرار باستبعاد بعض الوجوه الإعلامية التي لم تعد تحظى برضاه. وقالت مصادر مطّلعة على المشهد الإعلامي المصري إن تغييراً كبيراً تشهده الساحة الإعلامية، عبر استبعاد بعض الوجوه التي «أصبحت غير مرضى عنها»، وأخرى ستلحق بها قريباً مع تحذيرات لآخرين. وأوضحت المصادر أنّه تمت تنحية المذيع والمحلل السياسي معتز عبد الفتاح وإيقاف برامجه التي كان يقدمها على شاشة التلفزيون وأثير الراديو، وكذلك وقف نشر مقالات الرأي التي كان يكتبها. وقد أعلنت شبكة قنوات ON خروجه عن الخارطة الجديدة لبرامج ON live، بعد انتهاء برنامجه «الطريق إلى الاتحادية»، الذي كان يُقدّمه بمشاركة الإعلامية لبنى عسل التي تمت تنحيتها هي الأخرى.وكشفت المصادر أيضاً عن إيقاف برنامج «ولكن» الذي كان عبد الفتاح يقدّمه على إذاعة «راديو مصر»، ومقال الرأي الذي يكتبه لجريدة «الوطن». ويأتي الاستغناء عنه بعد تغييرات في الأجهزة الأمنية وخروج أحد كبار المسؤولين الذين كان على علاقة وثيقة بهم. وأوضحت المصادر أنه قد تم إيقاف برنامج «من غير سياسة» الذي يقدمه أسامة كمال على «راديو هيتس» لأسباب مُشابهة. وكان الإعلامي قد أعلن بنفسه إيقاف البرنامج وانتهاء تعاقده مع شركة «راديو النيل»، كذلك أوضحت المصادر أن استمراره في تقديم برنامج «مساء dmc» على شاشة dmc لن يطول، حيث سيُستبدل قريباً. كما تم استبعاد وليد رمضان، الرئيس التنفيذي لـ«راديو النيل»، والذي كان صاحب الفضل في إخراج نشيد «قالوا ايه»، المنسوب لقوات الصاعقة المصرية، بشكل فني وشعبي. وكان رمضان قد تولى إدارة شبكة «راديو النيل» من 2013 حتى منتصف 2014، مغادراً إلى السعودية حيث تم تكليفه بإدارة «ميكس FM»، ثم عاد إلى «راديو النيل»، كرئيس تنفيذي للشركة في أيار (مايو) من العام الماضي حتى إنهاء تعاقده مطلع الشهر الحالي.
استبعاد بعض الوجوه التي «أصبحت غير مرضى عنها»، وأخرى ستلحق بها قريباً مع تحذيرات لآخرين


على الصعيد نفسه، أوضحت المصادر أنه قد تم إغلاق موقع «المولد» الذي كانت تموّله جهات سيادية بعد خروجه عن الإطار المرسوم له. وكان الموقع يقدم محتوى غير سياسي لأغراض معينة في خدمة تلك الجهات، وكان يرأس مجلس إدارته رشا الشامي وفريق تحريره أسامة الشاذلي.
وتلقّى عدد من إعلاميي النظام تحذيرات بعدم الخروج عن النص والرجوع إلى الجهات السيادية قبل الشروع في أي حديث عن ملفات تراها الأجهزة حساسة. وبعد واقعة حبس خيري رمضان، أوضحت المصادر أنه تم استدعاء الصحافي والنائب مصطفى بكري إلى مقرّ جهاز المخابرات حيث تم توبيخه على خلفية إعلانه خبراً كاذباً بشأن وفاة المشير خليفة حفتر، قائد «الجيش الوطني الليبي»، وقد نقلته عنه وسائل إعلامية دولية واصفة بكري بأنه أحد المقرّبين من النظام.
وكان الإعلامي خيري رمضان قد تم استدعاؤه من قبل النيابة العامة في 5 آذار (مارس) الماضي، على خلفية بلاغ تقدمت به وزارة الداخلية تتّهمه بإهانة رجال الشرطة وإذاعة أخبار كاذبة في برنامجه «مصر انهاردة» الذي يقدمه على التلفزيون المصري. جاء ذلك بعدما ذكر أن زوجة أحد ضباط الشرطة بعثت له برسالة تؤكد فيها معاناتها ومعاناة أسر ضباط الشرطة، بسبب ضعف رواتبهم، وأنها لا تستطيع سداد مصاريف المدارس لأولادها، وتفكر في العمل كخادمة للإنفاق على الأسرة.
ورغم أن تلك الفقرة كانت ترمي إلى مغازلة الوزارة ومدح جهود الشرطة، إلا أن الوزارة ردّت بقوة، إذ تقدمت ببلاغ ضده تسبّب في حبسه يومين بقرار من النيابة التي أفرجت عنه لاحقاً بكفالة. وهو ما بثّ الرعب في إعلاميي النظام وقتها، خوفاً من ملاقاة المصير نفسه بزلة لسان مماثلة.
كل تلك المشاهد توضح طريقة تعامل النظام المصري مع رجاله، إذ لا يدّخر جهداً في إغداق الأموال عليهم لتنفيذ أوامره، إلا أن لكل منهم فترة صلاحية وحدوداً، ولهم في توفيق عكاشة وخيري رمضان خير مثال.