لا شيء محسوماً أو واضحاً في قضية الافراج عن وليد آل ابراهيم مؤسس شبكة mbc، بعدما ألقى ولي العهد محمد بن سلمان القبض عليه قبل ثلاثة أشهر، إلى جانب أمراء ووزراء سابقين وحاليين من بينهم الوليد بن طلال. بالطبع، لم تخرج التفاصيل الدقيقة للصفقة التي يمكن وصفها بالـ «سريّة جداً»، إذ جاءت غالبية التقارير أشبه بتحليل لما جرى في كواليس فندق «الريتز كارلتون» في الرياض، مكان إحتجاز الموقوفين. وكما هو معروف، لن يكشف الابراهيم عن الصفقة التي أدّت إلى خروجه ولا مصير مركزه كرئيس مجلس إدارة mbc. سيلفّ الغموض القضية وستظهر أخبار وتحليلات كثيرة حول الثمن الذي دفعه مقابل حريته. في جولة سريعة على الصحافة الغربية، يبدو واضحاً أنها اهتمّت بالقضية قبل ساعات من الإفراج عن الابراهيم، وتمّ تسريب بعض المعلومات حول الصفقة. في المقابل، كان الإعلام العربي والخليجي مجرّد ناقل لهذه الأخبار في ظلّ غياب تقارير واضحة عن مصير mbc.
في هذا السياق، نشرت صحيفة «فايننشال تايمز» البريطانية تقريراً صباح الجمعة الماضي أورد أنّ «بن سلمان لطالما عبّر عن اهتمامه بـmbc، وبأنه يتفاوض مع الإبراهيم منذ عامين. إلا أن الأخير رفض العرض الذي قدّمه ممثّلو الأمير، وهو مبلغ يراوح بين مليوني و 2.5 مليار دولار، إذ رأى الابراهيم أن قيمتها تتعدى الـ 3.5 مليار دولار، بخاصة أنها تستقطب نصف السوق الإعلاني». تابع التقرير الذي نقلته وسائل اعلامية عدة أنّ «المسؤولين السعوديين طلبوا من الإبراهيم التخلّي عن حصصه فيها مقابل الإفراج عنه». وقال مراسل «فايننشال تايمز» في دبي سايمون كير إن «حالة الإبراهيم تظهر الكيفية التي تُقاد بها عملية مكافحة الفساد، من خلال تأميم القطاع الخاص وشركاته الكبرى في المملكة. وتكشف في الوقت ذاته عن رغبة بن سلمان في السيطرة على الإعلام، بينما يسير قدماً بخططه الرامية إلى تأهيل الإقتصاد وتبنّي سياسة خارجية حازمة. ومن العروض التي تلقّاها الإبراهيم خلال التفاوض، استمراره في إدارة القناة، بعد أن يستحوذ عليها بن سلمان أو أجهزة الدولة السعودية. وعندها سيتعامل مع مجلس يشمل مسؤولين يتعاملون مع ملاكها الجدد». وعلّق المراسل قائلاً «إن الإبراهيم لن يكون الأول الذي تتم السيطرة على قناته التلفزيونية الخاصة، فقد سيطرت الرياض على قناة «العربية» التي كانت جزءاً من mbc لتكون صوتاً لها ولتمرير رسالة الدولة». على الضفة الأخرى، حاولت وكالة «رويترز» خلال الساعات الماضية «تلميع» صورة الابراهيم والديوان الملكي معاً. بدت كأنها «شريكة في لعبة» ولي العهد. «رويترز» دخلت على الخطّ مساء السبت الماضي عندما نشرت مقابلة مع رجل الاعمال الوليد بن طلال المحتجز داخل «الريتز كارلتون». أوحى التقرير أن الملياردير السعودي مرتاح في مقرّ إحتجازه، معلناً أنه لا يزال يدير شركة «المملكة القابضة». كما لفت الوليد إلى أنه «يتوقّع تبرئته من أيّ مخالفات». الأمر نفسه تكرّر مع الابراهيم، عندما ذكرت «رويترز» أول من أمس، ما إعتبرته نقلاً عن مصدر من إدارة mbc بأنّ «الإبراهيم سيواصل إدارة الشبكة بعد الإفراج عنه من السعودية، وسيحتفظ بحصة 40% في المجموعة. يأتي ذلك بعد تبرئة ساحة الإبراهيم من أيّ مخالفات في تحقيق الفساد». ولعلّ أبرز تحليل قدّمته الصحافة التي إهتمّت بقضية الابراهيم، هو التقرير الذي نشرته «نيويورك تايمز» مساء الجمعة الماضي. إذ لفت إلى أن «قناة mbc أمام طريقين مفصليين حالياً. إمّا أن تلقى مصير شركة «بن لادن» التي ظلّت لعقود شركة الإنشاءات المفضّلة لدى العائلة المالكة. وبعد اعتقال خمسة من الإخوة الذين يديرون الشركة، قامت الحكومة بالسيطرة عليها فعلياً». أما الطريق الثاني، فهو يشبه وضع قناة «العربية» الحالي، بعدما وضع الديوان السعودي يده على القناة قبل نحو أربع سنوات وانطلقت عجلة «سعودتها»، ولكنها في العلن تعرّف عن نفسها بأنّها «قناة مستقلّة». على الجهة نفسها، يتداول بعض المتابعين للقضية أنّ صفقة حرية الابراهيم تقضي ببقائه في رئاسة مجلس إدارة mbc صورياً، على أن توكل سلطة القرار لكل من رجالات بن سلمان وهم: بدر بن عبدالله بن محمد بن فرحان آل سعود، وتركي آل الشيخ، وسعود القحطاني.