كبرت كرة الثلج، وسرعان ما تحوّل «Take me out نقشت» على lbci، من برنامج يفترض أنه ترفيهي الى قضية، دارت رحاها هذا الأسبوع في لجنة «الإعلام الإتصالات النيابية» التي اجتمعت أمس، بحضور وزير الإعلام ملحم رياشي. أكّد الأخير ورئيس اللجنة النائب حسن فضل الله، على ضرورة وقف «الوضع الإعلامي المتفلت»، والذهاب بإتجاه «المجلس الوطني للإعلام» (سيجتمع غداً) ليقوم بعمله عبر «التحقق من الشكاوى» ومخالفة «الآداب العامة» و«خدش الحياء»، و«إثارة الغضب»، استناداً الى المادة السابعة في قانون المرئي والمسموع.
مساءً، كان دفاع lbci حاضراً في مقدمة نشرة أخبارها التي خلطت فيها قضايا حيوية أساسية وملحة كالكهرباء والنزوح السوري والنفايات، ببرنامج «نقشت» على قاعدة «شو وقفت علينا؟». والأنكى أنها عالجت هذا الملفّ بكثير من السطحية عندما اقترحت على الأصوات المعترضة بأن تحمل «ريموت كونترول» وتغيّر المحطة. المقدمة المسائية، طمأنت في الوقت عينه، الى أن «الجيل الناشىء» «غير مهدد» بما أنه يستخدم «اليوتيوب» و«نيتفلكس»، ولا رقابة على الشبكتين. المحطة اختصرت التعليق على «نقشت» بأنه محصور فقط بـ «إختيار الفتاة لما تريد»، وتوجهت الى المعترضين بالنصح عبر «مواكبة الثورة التكنولوجية» و«الإعلام الحديث».
لم تجر «المؤسسة اللبنانية للإرسال» طيلة سطور هذه المقدمة أي نقد ذاتي إزاء تحويلها برنامجاً ترفيهياً الى مجرد ساحة للإبتذال. صوّبت lbci على السلطة وعلى عجزها عن تحقيق أدنى متطلبات العيش بكرامة وأمان، كمن يريد ذرّ الرماد في العيون، وتحوير النقاش الى مكان آخر.
في قضية «نقشت» التي وضعت آخر قطرة ماء في الدلو الطافح على الشاشات،على المعنيين الذين استغلوا هذا البرنامج لتحويله الى قضية رأي عام، ينبغي إجراء إعادة قراءة لكيفية تقديم هذا البرنامج الذي يبدو أنه مقدم على موسم ثان. قراءة توائم بين الترفيه وإحترام ذوق المشاهد، وعدم الإنحدار الى القعر، بدل فتح المجال للسلطة لاستخدام سوط الرقابة المباشرة أو «التأديب»، أو التأنيب، وفتح الباب أيضاً لمنظري الأخلاق الخبيثين على رأسهم موقع mtv. الأخير عاد اليوم ونشر مقالاً غير موقَّع بعنوان «بورنو على الشاشة... ريموت كونترول في اليد!»، ينتقد رياشي «الراقي» وفضل الله «رب العائلة»، على اتفاقهما معاً، على «حرصهما على الأخلاق العامة في الإعلام المرئي»، مستهجناً الحديث عن «الأخلاق العامة» في مطلع العام 2017! في المقابل، لا ينفك المقال المذكور عن استخدام سوط الأخلاق، والتنظير عبر دس مصطلحات تقع في الحقل المعجمي نفسه الذي ينتقده المقال كوجوب «حماية المجتمع من الإنحدار في الفساد». طبعاً سبق للموقع نفسه من باب إنتقاد «نقشت» أن عنون بعبارات مقززة: «من يحوّل الشاشة إلى كباريه وبناتنا إلى شـ...؟»
إستناداً الى كل ما ورد، وجب على القائمين على «نقشت» والمحطة تصحيح الخلل الحاصل، لتجنّب الدخول في معارك أخرى لاحقة تتخذ عنواناً «حرية الرأي والتعبير» لبرنامج لا يمكن لأكثر المغالين في الدفاع عن الحريات الإعلامية الوقوف الى جانبه، وأيضاً لتجنب دخول الخبثاء من منظّري الأخلاق في هذا الطابور، والذين يحتاجون قبلاً الى رقابة ذاتية وحسّ مهني عال، لا يتكئ ايضاً على الجنس المبتذل «ليعتاش»!