حتى كتابة هذه السطور، لم تكن نتائج الاجتماعات بين إدارة هيئة الإذاعة البريطانية وصحافيي قسمها العربي، قد اتضحت. وهؤلاء يُعلنون اليوم إما قبول عرض الإدارة أو الشروع بإضراب في التلفزيون والإذاعة والموقع الإلكتروني
ليال حداد
قبل أيام، أعلن 80.6 في المئة من موظّفي القسم العربي في BBC (المنتمين بأغلبهم إلى اتحاد الصحافيين البريطانيين) تأييدهم لإضراب، إذا لم تستجب الإدارة لمطالبهم المتعلّقة بالدرجة الأولى بتحسين ظروف العمل، مع اتخاذ قرار بإطالة بثّ المحطة الناطقة بالعربية، من 12 إلى 24 ساعة، بداية الشهر المقبل. إلا أن المشاكل بين الموظفين والإدارة ليست وليدة الفترة الأخيرة، كما يوضح مصدر في BBC، رافضاً الكشف عن اسمه. ذلك أن الخطأ الأول الذي ارتكبته الإدارة ـــــ حسب المصدر ـــــ كان استقدام طاقم جديد من خارج الـ«بي بي سي»، عند إطلاق القسم العربي: «وجد هؤلاء أنفسهم في موقع يتحكّمون فيه بالقسم العربي، من دون أي رقيب أو حسيب» يقول المصدر. وانطلاقاً من هذا الواقع، بدأ التمييز بين الموظفين والصحافيين.
وفي الإطار نفسه، يغمز المصدر من قناة أحد المسؤولين في القسم، مشيراً إلى أنه «يتقاضى معاشاً كبيراً للقيام بمهمات الإدارة، لكنه وجد لنفسه وظيفة إضافية، ألا وهي تقديم البرامج، لمجرّد أنه يحبّ الظهور على الشاشة»، مؤكداً أن في هذه التفاصيل الصغيرة هدراً ماليّاً كبيراً، لأن باستطاعة المحطة أن توظّف أي مذيع بمعاش أقلّ من الذي يتقاضاه ذلك المسؤول عن تقديم البرامج.
أما في ما يتعلّق بساعات العمل، فيشرح المصدر الموضوع بتفاصيله الدقيقة، مقارناً بين ظروف العمل في القسم الإنكليزي والقسم العربي: «فيما يأخذ التقرير، الذي مدته دقيقتان، ساعتين من التحضير مع صحافيين في القسم الإنكليزي، تطلب منا الإدارة أن نحضّره بساعة ونصف. أضيفي إلى ذلك أن القسم الإنكليزي يملك متخصّصاً بمونتاج الصور والفيديو، بينما يجب على الصحافي في القسم العربي، أن يقوم بهذه المهمة بنفسه». كذلك يتحدّث المصدر عن زيادة ساعات العمل في الراديو. إذ كان يُطلب منذ سنتين من الفريق الواحد في الإذاعة أن يعدّ ساعة واحدة على الهواء. أما اليوم، فبات يُطلب من الفريق نفسه تقديم أربع ساعات ونصف على الهواء: «باختصار في نفس ساعات الدوام، زادت كمية العمل بشكل غير طبيعي، يفوق قدرة العاملين على التحمل». وكانت مجموعة «أنقذوا بي. بي. سي العربية» على موقع «فايسبوك» قد أوضحت أن الموظفين في القسم العربي يعانون من مشاكل صحية بسبب تحميلهم فوق طاقاتهم.
ليس هذا فحسب، بل يشير المصدر أيضاً إلى أن الموظفين جاهزون للقبول بعرض الإدارة، «إذا ما أخذت بعين الاعتبار، اعتراضات الطاقم العامل، ولا سيّما في ما يتعلّق بكمية العمل، وتصحيح «الفخاخ» الموجودة في نظام العمل. ومن بين هذه الفخاخ، موضوع سيارات الأجرة التي أخذت ضجّة في وسائل الإعلام. إذ يفرض القانون على الشركات أن تؤمّن لموظفيها الذين يعملون في الصباح الباكر أو الذين يتأخرون في الدوام، مواصلاتهم بواسطة سيارات الأجرة من حساب الشركة، «إلا أن الإدارة كانت تغيّر مواعيد الدوامات فتقرّبها أو تؤخرها لنصف ساعة بهدف توفير تكاليف سيارات الأجرة». وحول هذا الموضوع، كان مدير الخدمة العالمية في «بي. بي. سي»، نايجل تشابمان، قد أكّد في بيان أصدره سابقاً، أنه «لا يمكن تبرير صرف 650 ألف جنيه استرليني من المال العام سنوياً على التاكسيات ولا على المطالبة بدورات عمل غير معتادة». وأضاف أنه إذا أرادت الهيئة أن تؤمن التاكسيات، فسيكون عليها أن تدفع مبلغ مليون ونصف مليون جنيه، «وهو أمر مستحيل» بحسب تشابمان.
كذلك، يتحدّث المصدر عن شرط أساسي آخر للقبول بعرض الإدارة، وهو «عدم تغاضيها عن تجاوزات الإدارة والمحسوبيات المنتشرة في مكاتب القسم، على حساب الموظفين والصحافيين».
من جهة ثانية، يستذكر المصدر بعض الحوادث التي حصلت قبل انطلاق القسم العربي بفترة وجيزة. إذ أعلنت الإدارة عدم قبول عدد كبير من الموظفين من دون النظر إلى الطلبات التي تقدّموا بها، «والسبب هو غياب الإجراءات القانونية المتبعة والمحترمة عادة في BBC».
كذلك سيعترف بإدراك الموظفين بأن الميزانية حالياً ضئيلة في القسم العربي، ولكنهم يرفضون أن تعاملهم الإدارة بطريقة «بأفراحهم منسيّون، وبأحزانهم مدعوّون»، واصفاً العمل بهذه الطريقة بالعبودية، «نعم الموظف بالقسم العربي حالياً هو عبد». وكان اتحاد الصحافيين البريطانيين قد أعلن تأييده للإضراب، على لسان أحد أبرز مسؤوليه بول ماك لوغلين الذي أكد لصحيفة «غارديان» أن الإدارة «عليها دفع المال الكافي، إذا أرادت الحصول على مردود جيّد».
تجدر الإشارة أخيراً إلى أننا حاولنا أمس الاتصال مراراً بناهد أبو زيد، رئيس فرع اتحاد الصحافيين البريطانيين في القسم العربي في BBC. لكنه امتنع عن التصريح، في انتظار نتائج الاجتماعات مع الإدارة.