بعد ثلاث سنوات استقبل فيها الإعلامي اللبناني شخصيات لبنانية في الفنّ والسياسة، ها هو برنامجه «مسا النور» مهدّد بالتوقّف. هل الخلفيات مهنية حقاً أم سياسية؟

فرح داغر
أكثر من 150حلقة من برنامج «مسا النور» عُرضت على «تلفزيون لبنان» على مدى ثلاثة أعوام، منها سنة حضر فيها البرنامج أسبوعياً، حيث استقبل عبد الغني طليس أكثر من 500 شخصية لبنانية بين وزراء ونوّاب وفنانين. لكن فجأةً، «اكتشف» أحدهم أنّ شكل طليس ليس تلفزيونياً، ولهجته غير منمّقة وحضوره البعلبكي «مناطقي» أكثر من اللازم، فبدأت الـ «حرتقات» والضغوط للتخلّص من البرنامج.
«الحرتقات» أثيرت من باب أنّ بعض ضيوف «مسا النور» من سياسيّي 8 آذار يتحدثون أحياناً في السياسة، وبما أن البرنامج ثقافي ـــــ فنيّ لا سياسيّ، فهذا يستفزّ قسم الأخبار والبرامج السياسية في التلفزيون الذي ينحو إلى «الأكثرية». وبما أن إعلان ذلك قد يسبّب حرجاً إعلامياً للمعترضين، حُوّلت الأنظار من البعد السياسي إلى البعد الشخصي ـــــ الشكلي لدى طليس، الذي كانت إدارة المحطة ترى حتى البارحة أنّه يتميز بـ«كاراكتير» خاص في إطلالته، أو أسئلته العميقة والجديدة، أو الأجواء العفوية الحميمة للنقاش... إلى حدّ أنّ وزير الإعلام طارق متري ـــــ عندما حلّ ضيفاً على البرنامج ـــــ أشار على الهواء إلى براعة طليس في جعل الحلقة «جلسة خاصة في صالون منزل» بكل ما تحمل من دفء إنساني.
هؤلاء المعترضون «الجدد» على شكل طليس، لم يشاهدوا ربّما على الشاشة «الأصلع» عماد الدين أديب، أحد أبرز وجوه «أوربت»... يتساءل اليوم أحد المقرّبين. وإذا كانوا لم يشاهدوه، ألم يشاهدوا شقيقه الأصلع الآخر عمرو أديب باللهجة المصرية المقعّرة؟ ألم يشاهدوا أسئلة «مسا النور» والجدال السلس والمزاح

لهجة نجيب حنكش «الزحلاوية» جعلته ماركة مسجّلة في التلفزيون

الذي تحوّل عنصراً مهماً في تلطيف الجلسة مهما كانت المواضيع جدية؟
ويتمنّى المدافعون عن هذه التجربة لو أن «تلفزيون لبنان» يقدّم برامج عدّة تكسبهُ مشاهدين أوفياء، وخصوصاً في مواجهة برامج ضخمة في محطات أخرى؟ ويلفتون إلى أن طليس يعمل وحيداً في تلفزيون أعزل، وقد نافس في رمضان برنامج «ال مايسترو» الذي أُعدّ بإمكانات ضخمة على «ال بي سي»، بالتعاون مع أبرز محطة فنية هي «روتانا» التي تتحكّم في نجوم الفنّ، بعدما وقّعوا على عدم الظهور في أي محطة دون موافقتها. أما «المبالغ التي دفعت لضيوف نيشان، فيمكن أن تصيب إدارة «تلفزيون لبنان» بالإغماء إذا سمعت بها فقط»، يضيف ناقد تلفزيوني متخصّص من زملاء طليس. علماً أن النجوم المدعوّين إلى «مسا النور» يعترضون دوماً على صورة «تلفزيون لبنان» وإضاءته وديكوراته.
هل فعلاً اللهجة عائق أمام نجاح برنامج على التلفزيون الوطني؟ عرف «تلفزيون لبنان» تجارب مميّزة، ما زالت محفورة في الذاكرة، مثل برنامج «أبو ملحم» الذي يدين بجزء من شهرته إلى لهجته «الجبلية». أما نجم التلفزيون نبيه أبو الحسن، فحصد جزءاً من إعجاب الناس بسبب لهجته «الدرزية»، وفرقة «أبو سليم» تميزت بلهجتها الطرابلسية. وأخيراً مَن ينسى صلعة نجيب حنكش ولهجته «الزحلاوية»، وشيخوخته التي جعلته «ماركة مسجلة» في تاريخ «تلفزيون لبنان»، ومقابلاته التي لا تزال تُعرَض ويفاخر بها التلفزيون الرسمي حتى اليوم؟.
بعد كل هذا، ما هو موقف طارق متري ورئيس مجلس إدارة التلفزيون إبراهيم الخوري مما يجري بشأن «مسا النور»، الذي قد يفكر الزميل طليس في الانسحاب منه بهدوء، حسب ما علمنا من أوساط مقرّبة من الإعلامي المذكور؟ بل يذهب بعض هؤلاء إلى تسريب معلومات مفادها أن طليس تلقّى عرضين، أحدهما من تلفزيون «أكثري» الهوى؟