وحيد الطويلة: إدوار، عرّاب وعباءة

  • 0
  • ض
  • ض

يقول الروائي وحيد الطويلة عن الخرّاط: "الذين صنعوا لأنفسهم أو لأفكارهم عباءة في تاريخنا الأدبي كانوا قلة، أحدهم كان إدوار الخراط، ربما جاءت الستينات بمظلة غطت وقتاً طويلاً من أيامنا وقناعاتنا، وربما حتى الآن هناك من يتمسك بتلك المظلة التي فقدت شرعيتها وإن كان هناك من يحرث الأرض بحثاً عن جثتها السياسية ليقيم لها مأتماً ثقافياً. وحده كان الخراط يصنع عباءة جديدة بمفاهيم مختلفة، طارد السبعينيين بغرامه بالشكل المستغلق، الحاد الغاضب. كان قبلها قد بنى حيطانه العالية بينه وبين نماذج ساطعة مثل نجيب محفوظ ومن عاشروه على مدى سنوات طويلة جميلة. كأن اسم "حيطان عالية" لم يأت فقط اسماً لكتابة مختلفة ولافتة، بل دلالة سابقة على صنع عباءة بموديل جديد، جريء في اختلافه، في توقيت الاختلاف ومادته، والتف حوله من ساندهم، فساندوه حتى ولو لم يعتبروه نموذجاً إلا في التمرد على ما رأوه ثوابت. واتسعت العباءة بدخول الثمانينات والتسعينات، وأصبح اسم الخراط في مقال أو ندوة علامة على الميلاد، ميلاد كاتب أو كاتبة، وطارت في هواء الثقافة تعبيرات من عينة: عبر النوعية، والحساسية الجديدة، والقصة القصيدة، وعرامة الاحتشاد، والموسيقى الداخلية. صحيح أن بعضها خاصة القصة القصيدة أو القصيرة جداً كانت لغيره، لكن تورجنيف كان بعيداً في الذاكرة ولم يكن يملك عباءة في رقعتنا العربية. قدم الخراط مجموعتي الأولى "خلف النهاية بقليل" رغم أنني كنت وما زلت أعتقد أنني بعيد عن عدته، عن معظم أدواته. كان وأعتقد أنه سيظل كاتباً نخبوياً، إلا أنه حاضر في نخبويته تماماً. ربما حاز البعض عبر عرامة الحكايات وتأثير السياسة كراسي وأضواء، لكن الخراط صنع شريحة عريضة ربما لم تضرب في الأرض عميقاً لكنها ضربت في السماء. سألته ذات مرة: هل راهنت على أحد وخيب ظنك؟ قال بشكل قطعي: لا. ركض الخراط خلف طيور جديدة، وحاول أن يدق في الأرض مسامير لمبدعين خيبوا ظننا وربما خيبوا ظنه، لكن عباءته كانت متألقة حتى أنها طارت فوق رؤوس الجميع ولو لفترة. كاتب خاص وطفل عذب وشجاعة في عدم الصدام، بدأ الكتابة متأخراً، والوقت كان ضيقاً، لكنه اتسع للروايات والمتابعة وصنع جيل والتأثير في أجيال أخرى، نعم اتسع الوقت لصنع كتابة وعباءة ومريدين".

0 تعليق

التعليقات