القدس | في عرض «حكواتي القدس الشام» الذي قدّم أخيراً في مقهى شعبي في «سوق الخواجات» داخل البلدة القديمة في القدس المحتلة، يروي الممثل حسام غوشة قصة بطله المُحاسب زهران. العرض الذي جذب جمهوراً واسعاً يكشف عن وعي معاصر يمزج التراث مع المونودراما و«البرفورمانس»، ويبرز خطاباً طبقياً وراديكالياً يُمرَّر بطريقة ذكية داخل العرض.
«يا أهالي البلدة الكريمة الكرام، يدعوكم حكواتي القدس الشام، على كاسة شاي بسوق الخواجات»، هكذا راح الحكواتي يسير في القدس العتيقة ويدعو الناس إلى الاستماع الى حكاية المحاسب زهران الذي يعاني مثلهم ضائقة مالية، بسبب الضرائب الإسرائيلية والمخالفات وفواتير الكهرباء والماء. حتى تكاد تشعر بأنّ أهل القدس هم محاسبون بالفطرة، ومن دون شهادة من «جامعة بيرزيت» حيث تخرّج زهران. العرض يفيض بالنقد الاجتماعي والسياسي. يتزوج زهران حبيبته ليال التي تحمل «هوية ضفة» (الهوية الخضراء)، ويقوم بـ«تهريبها» إلى القدس، ويحشرها في المنزل خشية اعتقالها وإعادتها إلى «الضفة»؛ لكن جنود الاحتلال يقتحمون المنزل، ويُحبس هو ستة أشهر بتهمة إيواء شخص (ولو زوجته) من دون تصريح إسرائيلي. لهذا يوكل زهران محامياً فلسطينياً معروفاً بـ«علاقاته» في دوائر القضاء الإسرائيلي، للحصول على «لمّ شمل» يكفل لزوجته «هوية القدس» (الهوية الزرقاء). في انتظار ذلك، وبناءً على نصيحة والده المُحاسب، يُقرر زهران التقرّب من مشايخ «دائرة الأوقاف الإسلامية» طمعاً بمعاشٍ سخي إذا عيّنوه مُحاسباً في دائرتهم. وتدغدغه أحلام بأن يمتلك سيارة مرسيدس أو BMW، لكنه يُعتقل قبل أن تتحقق أحلامه مع مشايخ «النظافة من الإيمان» بتهمة إلقائه زجاجة مولوتوف على الجيش الإسرائيلي.يذكر أنّ اختيار «سوق الخواجات» مكاناً للعرض لم يكن مجرد تجريب فني فقط، بل ترجمة للصعوبات المادية الهائلة لتي تواجه المسرحيين الفلسطينيين في استئجار مسارح لعرض أعمالهم. في المقابل، تبدو أسلوبية الحكواتي مناسبة لنقل العرض إلى جمهور آخر بسهولة، والاكتفاء بالفضاء العام كسينوغرافيا موحّدة للعرض. وسينتقل حسام غوشة مع عرضه وقصصه الساخرة إلى «سوق الدباغة» وأسواق أُخرى في القدس العتيقة، وإلى مدن وبلدات ومخيمات فلسطينية أيضاً.