انطلقت أمس الدورة السابعة من «أشغال داخلية» مع عرض «بونانزا #3» لـ«برلين» في مسرح «دوار الشمس»، واليوم يحتضن «مركز بيروت للفن» و«أشكال ألوان» معرضي «كيف يبدو الأمل ما بعد الأمل (في الاستلاب والبناء)» و«عن الماء وإكليل الجبل والزئبق».
أما الأيام المقبلة، فستحمل للمدينة أكثر من 50 موعداً فنياً معاصراً بين عروض الأداء والمحاضرات الأدائية والفيديو آرت والمعارض الفنية والندوات والمنشورات تتوزع حتى 24 تشرين الثاني (نوفمبر) على «مسرح دوار الشمس»، و«مركز بيروت للفن»، و«مسرح بيريت»، و«جامعة القديس يوسف»، و«متحف سرسق»، و«الكورنيش»، و«ستيشن»، و«أشكال ألوان»، و«مركز هونا»، و«زيكو هاوس»، و«بيريت»، و«متروبوليس أمبير صوفيل». السنة الحالية تشهد أكبر دورات المنتدى الفني لناحية عدد المشاركات المنشغلة بالتبدلات الاجتماعية والسياسية والإشكاليات المشتركة بين دول العالم، من اليابان إلى فلسطين ومن اليونان إلى سوريا فلبنان وتركيا وإسبانيا وإيران ومصر. تؤكد مديرة «أشكال ألوان» ومؤسسة «أشغال داخلية» كريستين طعمة أن غاية المنتدى هي نوع من التبادل بين الفنانين الآتين من مختلف أنحاء العالم بغية طرح الأسئلة، وتقديم الطروحات الفنية والفكرية والأسلوبية. ويبقى الأهم هو إزاحة الفن عن الجدران ـــ على حد تعبيرها ـــ ليذهب إلى أماكن أكثر حضوراً وإلحاحاً وراهنية، عبر مد جسور بين الفرد والمجتمع، بين التاريخ والمستقبل، والتحولات والحروب والآثار والهويات...

هذه السنة، دعت طعمة القيّمين الفنيين بسام الباروني وفري ليسين إلى مشاركتها في تنسيق الحدث بهدف تنويع وجهات النظر. يتضمن برنامج «أشغال داخلية 7» 12 عرضاً أدائياً يجمع بين الفيديو والمسرح والرقص. في «سوپر پريميام سوفت دوبل ڤانيلا ريتش» (14 و14/11 ــ «دوار الشمس») الذي تؤديه «فرقة شِلفيتش المسرحية»، يقدم الكاتب والمخرج الياباني توشيكي أوكادا تأملاً في اليابان الراهنة. بين الفكاهة والجدية، تدور الأحداث داخل متجر، فيما تعيدنا إلى الزلزال والكارثة النووية التي تعرضت لها البلاد منذ خمس سنوات. يدعونا فدريكو ليون في عمله «الأفكار» (15و16/11) الذي يجمع بين الفيديو والمسرح إلى الدخول في عملية الإبداع عند الفنان، مسائلاً مصدر الأفكار وكيفية استلهامها. أما عمل المصرية ليلى سليمان ورود غيلينز المشترك «المنزل الكبير» (16 و17/ 1 ــ «زيكو هاوس»)، فيوثق لزنقة سيدي عبدالله قش في تونس، حي الدعارة القانوني والمنظم الوحيد في العالم العربي. الذاكرة هي ملجأ راقصي فرقة «بليتز» اليونانية، لمواجهة أزمات أوروبا المالية والأخلاقية. في عرضها «آخر الليل» (16 و17/11 ــ «بيريت»)، تتبع الفرقة العلاقة بين الفرد وآليات المجتمع والتاريخ. من العروض المنتظرة «أنشودة الفرح» لربيع مروة الذي يقدم للمرة الأولى في بيروت (راجع الكادر). من إيران تقدم فرقة «مهر» المسرحية عرض «فوات الأوان» (20 و21/11 ــ «دوار الشمس») لأمير رضا كوهستاني.

بين الفيديو والمسرح، يستخدم المخرج الإيراني مسرحيته السابقة «رقص على الكؤوس» (٢٠١١)، كذريعة للتطلّع إلى الوراء، بهدف إنكار الماضي لا لدعوته مجدداً. وجه مروة أرسانيوس مألوف لدى «أشغال داخلية». عرضها «تعلُّم الرقص» (22و23/11 ــ «مركز هونا») الذي يقدمه بيار جعجع وغيدا حشيشو، يستند إلى مقالة نشرت في مجلة «الهلال» في ستينيات القرن الماضي حول إنشاء معهد للباليه في القاهرة، ليدعونا إلى تأمّل تاريخ معيّن للرقص عبر أجساد الراقصين. نشاهد أداء فيديو «مدد غيبيّ» (21 و22/11 ــ «أشكال ألوان») للين قديح الذي يجمع الحياة والموت، والأمومة والطبيعة، باعتبارها دليلاً على استمرار الحياة رغم الصراع والعنف الراهنين. على البرنامج مجموعة من العروض الأدائية أيضاً هي «غراب» المغربي الراقص (18، 19، 20/11 ــ فضاءات متعددة) لبشرى ويزغن، و«دايكوشين/ مسيرة كبرى» (21 و22/11 ــ «ستيشي») الراقص للياباني زان ياماشيتا، و»عن العاج والجسد ــ التماثيل أيضاً تتألم» (23 و24/11 ــ «دوار الشمس»)، لمارلين مونتيرو فرايتاس. للأفلام والفيديو حصة كبيرة مع مشاركة 16 عملاً تناقش مختلف القضايا من خلال أساليب تجريبية مختلفة. يوثّق «واقعة البحر» (14/11 ــ «مركز بيروت للفن») للوني ڤان بروميلِن وزيبِرن دي هان لنشاط الصيد المعاصر في بحر الشمال الهولندي، فيما يحاول فرانسيس آليس في «صمت آني» (14/11 ــ «مركز بيروت للفن») استنطاق مدينة آني الأرمنية القابعة على الحدود التركية الأرمينية والتي تعرضت للدمار طوال تلك العقود. اللجوء السوري حاضر في «الآن: نهاية الموسم» لأيمن نحلة من خلال كاراج أزمير الذي يتوقف به مئات السوريين الهاربين يومياً. وفي «الحفّار» (16/11 ــ «مركز بيروت للفن»)، يرصد الفنان اللبناني علي شري يوميات سلطان زيب خحان الذي قضى 20 عاماً حارساً لمقبرة تعود إلى العصور الحجرية في الشارقة، فيما يبدو في الوقت نفسه حارساً للخرافات التي أنشئت عليها هذه الدولة. هناك محطة جماعية للأفلام تحت عنوان «ليس ثمة ما هو ليس متعة أيضاً» (17/11 ــ «زيكو هاوس») الذي أعدته بسمة الشريف وبِن راسل. يضم المشروع مجموعة من أعمال الفيديو القصيرة لمارتين سيمز وبسمة الشريف، وجان بول كيلي وكريمة أشادو ونازلي دينجل وإيڤا ماري رودبرو، وبِن راسِل وماري هيلينا كلارك. تكنولوجيا إنتاج الصورة تشغل «ثمان وعشرون ليلة وبيت من الشعر» (17/11 ــ «متروبوليس») لأكرم زعتري من خلال أرشيف المصور هاشم المدني الذي يتخذ منه الشريط نقطة بداية لفهم مدينة وممارسة فوتوغرافية وتكنولوجيا إنتاج الصور.
تتوالى المشاهد الأرشيفية في «زنابق مصفرة» (18/11 ــ «مركز بيروت للفن») للتركي إيقان سافو غلو، الذي يحاور عمله حياة الكاتب الأفرو أميركي والمثلي جيمس بالدوين الذي عاش في اسطنبول في الستينيات والسبعينيات، لاستقراء الأبعاد السياسية للتمييز العرقي وللتسامح. في شريطه «المرحلة الرابعة» (20/11 ــ «مركز بيروت للفن»)، يقبض اللبناني أحمد غصين على السرديات والأشكال البصرية الجديد التي تسلكها الأيديولوجيا والأسطورة، لرصد التحولات الجيوسياسية في جنوب لبنان. بين الوضع السياسي المضطرب في البلاد، والقلق على مدينتهم، ترسم لمياء جريج بورتريهاً لبيروت في «والعيش رغيد» (21/11 ــ «متروبوليس») من خلال خمسة أشخاص. رانية أسطفان تصنع خريطة لفعل التذكر في «ذاكرة لمفتش وحيد» (18/11 ــ «مركز بيروت للفن»)، فيما يستحضر مروان حمدان الأحلام اليسارية والشيوعية الخائبة في «تسلل» (23/11 ــ «مركز بيروت للفن»). من كوريا الجنوبية، يشارك پ. س. جينجو كيم بثلاثة شرائط (23/11 ــ مركز بيروت للفن»)، هي: «وكأنما كانت وعوداً» و«جوقة جمعيّة وفردية»، و«تمرّس».
هناك 17 محاضرة نسقتها كريستين طعمة ويحتضنها فضاء «أشكال ألوان». حول الحراك الشعبي وأزمة النفايات والفن، والأمومة والنوم واللجوء... تلامس الندوات التغيرات والأزمات العالمية والمحلية. في «قراءة مقاطع من «حديقة النوم المعلقة»» (14/11) لهيثم الورداني، يقارب الكاتب المصري النوم من خلال الهوية والسياسة واللغة. الحراك الشعبي اللبناني حاضر من خلال «سياسة الاحتجاج والنقد السياسي في لبنان» (14/11) التي تشارك فيها غيدا فرنجية وروجيه عوطة وخالد صاغية ولين هاشم للبحث في تحوّلات نمط ولغة الاحتجاج، بينما تنطلق نهلة الشهال من أزمة النفايات في محاضرتها «من النفايات الى النظام: الصلات والانقطاعات» (19/11).

يرصد أحمد غصين التحولات الجيوسياسية في جنوب لبنان
في محاورة «من اختراع الأطلال إلى نهاية المتحف الوطن» (15/11)، يخوض علي شري نقاشاً قيّماً مع سام هاردي حول الأرشيف والآثار ودورها في بناء الدولة الحديثة، ليتوقفا عند عمليات النهب في سوريا والعراق اليوم لاستثارة تساؤلات حول قدرتنا على إعادة بناء إرث مدمّر. تشاركنا «فرقة الدكتافون» قصصاً لتاريخ من النزاعات في لبنان في «أن نصرّح عن الحدود» (17/11)، ويحضر توظيف التاريخ في الأعمال الروائية والأفلام والمعارض كمحور لـ«الفن هو التاريخ وضدّه: حوار حول الرواية عن الماضي في الحاضر» (22/11) التي يشارك فيها إلياس خوري وجايس سلّوم وكلير بيشوب. من خلال تجربته في اللجوء، يستعرض دارا عبدالله التغيرات العميقة التي تحصل عند القادم من دول المشرق العربي إلى دول الغرب في محاضرته «في الخروج الكبير» (15/11)، وفي «بناء الأمل: نحو أنصاب للحياة اليومية» (21/11) يبحث خالد ملص عن سبيل جديد للبناء يتماثل مع الأحداث السورية. من مصر، تختبر إيمان مرسال ما تظهره الصور الفوتوغرافية عن الأمومة في «الأمومة وصورها: استعادة الأمومة في الفوتوغرافيا» (21/11). الإسبانية آنا تيشييرا پينتو تتطرق في «فخ السيولة» (21/11) إلى السيولة المادية التي تغرق السوق الفنية. ندوات أخرى تنتظرنا أيضاً مثل «نهران في مجرى واحد: المقاومة المشتركة في آليات الليل» لسونا كافادار، و«السيبرنيات الجديدة والجوانب ما بعد الإنسانية الجيوسياسية» لمحمد سالمي، و«فليرقدوا بسلام ــ نبش رفات الفن العظيم» لديانا بالدون. في قسم المحاضرات الأدائية، تبحث «ليس ثمة ما هو ليس متعة» (13/11) لبسمة الشريف وبِن راسِل، في ألم ومتعة التبعية والالتباس بين المؤلّف والجمهور. أحمد غصين كتب محاضرته «عندما جاء العرّاف وتحدّث إليّ» (13/11) بالتعاون مع رشا السلطي لرصد مهندسين يعملون على نصب تذكارية ضخمة تؤسس لنوع بصري جديد في جنوب لبنان أمام انعدام وجود ما يذكر بالمرحلة اليسارية. «مع علامة استفهام: عن المفردات والتحامُل والفُصام وإنت عُمري» (20/11) هو عنوان محاضرة منيرة الصلح، التي أنجزتها بالتعاون مع توفيق كرباج وساري مصطفى وكريستيان شاشاتي. إنها تأمل غنائي في لهجات ووقفات وأصوات والصمت في أغنية «إنت عمري». هناك أيضاً محاضرة «سطوعية» لأرجوانا نويمان، و«كل دنيا تقبلني خير من تلك التي أتيت منها» لطوني شكر.

اللجوء السوري
حاضر في «الآن: نهاية الموسم» لأيمن نحلة
ضمن الفنون البصرية والتجهيزية، تندرج أعمال «بلازون» لمروان رشماوي (راجع الكادر)، و«سلاحف لغسان زرد» غسان زرد و«بسست ليوبارد ٢أ٧+» لناتاشا صدر حقيقيان و«لا شيء للتصريح» لـ«مجموعة الدكتافون»، بتكليف من كريستين طعمة. أصدرت «أشكال ألوان» أيضاً 4 منشورات هي «خارج حدود الجملة» لميرين أرسانيوس، و«بيروت... مدينة بآلاف الأبراج والحيطان» لوضاح شرارة، و«الكائنات الشاردة» لكارين ضومط، و«مشاهد صامتة» لجنى طرابلسي.
وبالعودة إلى برنامج اليوم، يحتضن «مركز بيروت للفن» المعرض الجماعي «عن الماء وإكليل الجبل والزئبق» لكريستين طعمة بمشاركة إنجي إڤينير، ولورنس أبوحمدان، وعمر فاخوري، وعباس أخاڤان، وأحمد بدري، وعلي تاپتيك، وخليل رباح، وتمارا السامرائي وستيفاني سعاده، وصبا عنّاب. ويدعونا القيم بسّام الباروني إلى مشاهدة معرض «كيف يبدو الأمل ما بعد الأمل (عن الاستلاب البنّاء)» في «أشكال ألوان»، ويضم أعمالاً تجهيزية وبصرية ليوري پاترسون وكاتيا باريت ونِلماري دو پريز وماثيو پول وأماندا بيتش وبراين ويليام روجرز وپاتريشيا ريد وهشام عوض ومارتي كاريالا وليوناردو كريمونيني، إلى جانب التجهيز النحتي«التواجد الفائق للفنان» لمحمد سالمي و«هداية القديس بولس: عن المفتوح وإشاريته المزدوجة» لوليد صادق.

«أشغال داخلية 7»: حتى 24 تشرين الثاني (نوفمبر) ــ فضاءات عدة في بيروت. للاستعلام: ashkalalwan.org




«أنشودة» ربيع مروة

أحد أهم العروض المنتظرة «أنشودة الفرح» (18و19/11 ــ «دوار الشمس») الذي أخرجه ربيع مروة وكتبه بالإشتراك مع منال خضر. يتضمن العرض (65 د) شريط فيديو، فيما يؤديه على الخشبة الفنان اللبناني مع خضر ولينا مجدلاني، بعدما عرض للمرة الأولى في ميونيخ هذه السنة. يستعين العمل بأحداث من الماضي كالثورة الفلسطينية وعملية ميونخ عام 1972 لمحاولة القبض على احتمالات المستقبل وسناريوهاته المرجحة، التي يفشل الحاضر في التعامل معها، بينما يلجأ إلى التخييل لكتابة الماضي.

مدن مروان رشماوي

ضمن اهتمامه المعماري والمديني وعلاقته بالأفراد أنجز مروان رشماوي «بلازون» (قماش على قماش ــ ٢٠١٥) الذي يعرض في «أشكال ألوان» (12/11). يسعى مروان رشماوي إلى تفكيك المدينة إلى إجزاء من منظور فرد يجول في بيروت. هكذا وضع الفنان اللبناني نظام فهرسة للأحياء الستين الرسمية للعاصمة من أجل رسم خارطة ترصد النقلات الشعورية التي تُعيّن الانتقال من منطقة إلى أخرى. وفي هذا الإطار يحاول الوصول إلى كيفية نشوء محددات الأحياء وأسباب استمرار وجودها.