مع بدء الثورة السورية، اكتشف عمر حكمت الخولي موهبته الجديدة. الشاب الحمصي (1990) الذي عُرف بين أصدقائه بأنّه شاعر وعازف ومصوّر، صار مخرجاً بين ليلة وأخرى. لم يذهب إلى جامعة أو معهد ليتلقّى تعاليم الفن السابع... ربما الحالة «الهوليودية» التي عايشها سكّان حمص في الأشهر الأخيرة، كانت كفيلة بذلك. بعد أيام، سيرفع الخولي فيلمه الجديد «تحت الثورة» على الانترنت. في ظل العزلة التي يعانيها السوريون، باتت الشبكة العنكبوتية النافذة الوحيدة التي يطل منها المخرج الشاب (وأغلب مواطنيه) على العالم.
من هذه النافذة، يمكن التعرّف إلى تجربة عمر التي بدأها مع الوثائقي «سحر الصوفية»، قبل أن يتبعه بثلاثة أفلام قصيرة هي «حمص كما أراها»، و«قيامة»، و«كلاشينكوف». يعمل الخولي حالياً في الشروط السورية الاستثنائية. هو نفسه فريق الفيلم بأكمله: إنّه السيناريست، والمخرج، والمنتج، ومهندس الديكور، والمصوّر، ومدير الإضاءة... والموزّع (مجّاناً)! أفلام عمر سيرةٌ لحمص. كانت المدينة جنة في «حمص كما أراها»، وكان ثمة أطفال يلعبون تحت المطر، ومتظاهرون يهتفون، وعاشقان يتمشيان في إحدى الساحات. لكن، عندما غدت حمص جحيماً، كان على الخولي أن يلجأ إلى غرفته، ليصوّر «قيامة». هنا، سنشاهد المسيح يتخلّص من قيده وصليبه، ليصرخ بأعلى صوته «إلهي... لماذا تركتهم؟» قبل أن يعود إلى مكانه مستعيداً سكينته الأبدية.
الدمار الهائل الذي حلّ بحمص وأهلها، سيعيد المخرج الشاب إلى ألعاب طفولته، لنشاهد الجنود البلاستيكيين أبطالاً في «كلاشينكوف». وفي «تحت الثورة» الذي يرفعه قريباً على الانترنت، يسلّط الضوء على الحياة اليومية الروتينية لإحدى عائلات ريف حمص. تحت سقف بيت فقير، ثمة عائلة يتردد أفرادها في الوقوف أمام الكاميرا، لكنّهم لا يترددون في حشو المدفأة الصغيرة بأكياس النايلون بحثاً عن الدفء. تتجول عدسةُ عمر مرافقةً سيرورتهم منذ صياح الديك، حتى المساء. يفلحون الأرض، ويغسلون الخضار قبل التوجه إلى المدينة لبيعها، بينما ثمة فتاة صغيرة تنكفئ على نفسها قرب المدفأة، وترسم وروداً على دفترها... كأنها تعِدُ السوريين بغدٍ أجمل.