ينطلق «مهرجان الحمامات الدولي» في نسخته الثامنة والخمسين يوم 5 تمّوز (يوليو)، فيُفتتح بمسرحيّة «عطيل …وبعد»، وهي كتابة جديدة لرائعة شكسبير، التي ما زالت أجيال من المسرحيين تتناقلها وتعيد قراءتها. في معظم دوراته، حافظ المهرجان الذي تأسّس عام 1966، على تقليد الافتتاح المسرحي، لكنّه يختار هذه المرّة العودة إلى المدونة الكلاسيكيّة، وتحديداً شكسبير في عمل جمع بين بوكثير دومة كتابةً وحمادي الوهايبي اخراجاً. هكذا، جاءت الفرصة الأولى للثنائي لافتتاح «مهرجان الحمامات الدولي» المعروف بعروضه النخبوية، محتضناً أهم الأعمال المسرحيّة التونسيّة. ويشارك في تأدية المسرحيّة، مهذب الرميلي ونورالدين الهمامي وبهرام العلوي ومحمد شوقي خوجة وبهرام العلوي وسامية بوقرة وإباء الحملي وفاتن الشوابي. كما تشهد المسرحيّة التي تعتمد اللغة العربيّة الفصحى في نصّها، مشاركة خاصة للفنان أحمد الماجري. ويستعرض العمل، لوحات كوريغرافيّة من توقيع ريان سلام وشيماء ارحاولية، لتعيد المسرحيّة برؤية اخراجيّة جديدة، صياغة الواقع وترتيب الأحداث وتشكيل مصائر الشخصيّات على إيقاع ثنائيّات الخير والشر، الحب والبغض، الانفتاح والتعصب، العنصريّة وقبول الآخر. وستتوالى عروض المهرجان طيلة شهر تقريباً، ليختتم يوم 3 آب (أغسطس)، بعرض موسيقي للفنّان التونسي ثامر العليبي. ويتخلّل المهرجان أيضاً، عرض لنجمة الأغنية التونسيّة أمينة فاخت، فتطل على الجمهور، بعد غياب دام 14 عاماً عن المهرجانات. وحفلة تقدمها الفنّانة الصاعدة يسرى المحنوش يوم 2 آب. وتحضر من لبنان الفنّانة حنين الشعّار يوم 8 تمّوز، كذلك كارول سماحة في العشرين من الشهر نفسه، وتانيا صالح يوم 23 تمّوز، ثمّ نجم البوب رامي عيّاش في 1 آب. من فلسطين، تزور المهرجان، الفنّانة ناي برغوثي يوم 14 تمّوز، تلحقها الفنّانة ليلى حجيج في 17. ضمن مسرحيّات المهرجان، تُقدَّم «رقصة سماء» (22 تموز)، التي أنتجها «المسرح الوطني التونسي»، تسبقها مسرحيّة «البوابة 52» (11 تموز) التي تحمل توقيع المخرجة دليلة المفتاحي. ومن المسرح التونسي أيضاً، تعرض مسرحيّة «الباتروس» للمخرج لشاذلي العرفاوي يوم 26 تمّوز. كما تعرض «البخارة» للمخرج صادق الطرابلسي يوم 24 تمّوز. ويقدّم المهرجان أمسية للأغنية التونسيّة، بعدما أصبحت من بين تقاليده في السنوات الأخيرة، إلى جانب عرض باليه بعنوان «الفصول الأربعة»، من تصميم إميليو كالكانيو، وإنتاج «أوبرا تونس». كما تشارك في المهرجان، عروض من إيطاليا وكندا وفرنسا، محافظة على الطابع المتوسطي للمهرجان الذي عرف به منذ تأسيسه.
رغم تنوّع برنامج المهرجان وجمعه بين مختلف الفنون والأجيال والشرق والغرب، إلّا أنّه أثار جدلاً كبيراً بسبب غياب آخر أعمال الفاضل الجعايبي «آخر البحر»، إذ يبدو أنه كان مدرجاً قبل أن يتمّ التخلي عن برمجته لـ «دواع أخلاقيّة» وفق ما تداوله بعض المسرحيين الذين استنكروا الأمر بشدّة، بينهم العميد الجديد لـ«المعهد العالي للفن المسرحي» عبد الحليم المسعودي الذي أدان ««العقل الثقافوي» الذي يمارس الرقابة على مسرحيّة «آخر البحر» للفاضل الجعايبي، ويحرمها المشاركة في برنامج «مهرجان الحمامات الدولي» (...) ولا أظن أن هذا «العقل» يفقه شيئاً في المسرح التونسي أو في تاريخه الابداعي والنضالي أو في فاعلية العلاقة بين المسرح وجمهوره، وإنّ هذه الممارسة شتيمة في حق المبدعين والمثقفين وفي حق المسرحيين أنفسهم وشتيمة في حق وزارة الإشراف ومؤسسة المسرح الوطني التونسي المساهمة في إنتاج هذا العمل الإبداعي الشاهق «آخر البحر» .... هذا «العقل الثقافوي» الذي اسميه تجاوزاً بــ «العقل»، يبرهن عن تلك البذاءة الذهنيّة الرسوبيّة والنكوص الارتدادي المتخفي بإسم الأخلاقوي على حساب بناء الوعي العام نقدياً وتفكيكيّاً عبر الفنّ الجاد، وعن ذلك الفقر المدقع لفهم التحولات الفكرية و الجماليّة التي تعيشها تونس منذ الثورة». يبدو أنّ هذه النقطة الخلافيّة حول إلغاء «آخر البحر»، ستكون محور الصيف التونسي في الشارع الثقافي خاصةً بعد ملازمة إدارة المهرجان الصمت!