بعد أربعة وخمسين عاماً على صدور العدد الأخير (رقمه 44 ــــ خريف 1969) من مجلّة «شعر»، ها هي «دار نلسن» تعيد طباعته ونشره، مع تقديم من صاحبها سليمان بختي شكر فيه الأستاذ عبودي أبو جوده على توفيره هذا العدد من مجموعته الخاصة في داره «الفرات»، ومسك ختام من الشاعر الناقد شوقي أبي شقرا.

في تقديمه، يتساءل بختي ويجيب: «لماذا العدد الأخير عدد تذكاري؟ يحدونا الأمل أن نكمل ما فعله الأسلاف من هنا، من هذه المدينة إلى دنيا العرب والعالم. نرى كيف سيستمر أثر المجلة في وعي الشعراء وفي تجاربهم المعاصرة. كتب مرة يوسف الخال: «وإذا لم تعد بيروت على أيامنا، فالمشعل سيحمله أبناء «شعر» وأجيال «شعر» التي لا تنتهي.
ليس أمام الأصيل نقاط وفواصل وقيود، وليس أمام المبدع الحقيقي مراحل زمنية تقع عليه كالأسر. صحيح أنّ مجلة «شعر» بكلام أنسي الحاج «باقية إلى الأبد حداً فاصلاً في تاريخ الشعر»، لكن الصحيح أيضاً أن على كل جيل أن يصنع مجلته ومغامرته وثورته وأحلامه. إنها إذن دعوة إلى عدد جديد ووعد جديد وبداية جديدة».
أعادت «دار نلسن» طباعة العدد الأخير من المجلّة الصادر عام 1969


أما المعلّم شوقي أبي شقرا فيضع حقيقة مجلّة «شعر» في كفّة ميزان الزمان: «كأنما لا إشارة معلقة، ولا ما يوجب الإقفال والرجوع إلى البيت، إلى السكون وإلى الصمت. وإلى أن يكون هذا الإياب مثمراً وجيّد المصير وحلو الإقامة معه، في خيمة الرضى وفي عدم الإقفال... وفي بسط المغامرة وفي عدم الإقفال، وفي بسط المغامرة من جديد. وهو هذا المصير الحلو والجيد ونحن في انتظاره، وفي القبض على السكون، تلك الجوهرة، تلك العذوبة الكامنة في قصر الوجود. وفي كوخ الإبداع، ونحن على ضوء الشمعة حين لا كهرباء. و في منتهى الاجتهاد وفي تفاحة الجهد وفي خيمة مجلة «شعر»، وفي العاصمة بيروت التي لطالما اجتهدت وكانت شجاعة لنا، وكانت الحماس لنا، وكانت لناحية النهوض، حبّة الشجاعة وحبّة الفأل السعيد، حبّة النهوض إلى الأمام، إلى حيث النار ونحن أشعلناها. وما كانت من أجل هدف آخر، من أجل العادة لا الإبداع، ولا النظرة المحكمة والحكيمة، ومن أجل الحقيقة في لبنان النَصّ».
* كاتب فلسطيني