ينشغل الشاعر والكاتب المصري يسري حسان بظاهرة «أغاني المهرجانات» التي ألّف عنها كتاباً قبل ثلاث سنوات، لدرجة أنّه عندما شرع في تقديم عمل مسرحي جديد عن عمالقة الغناء المصري اختارها مدخلاً لعرض «يا شيخ سلامة».العرض من إنتاج «البيت الفني للفنون الشعبية والاستعراضية» وتأليف يسري حسان وإخراج محمد الدسوقي وبطولة وغناء علي الهلباوي، بمشاركة مراد فكري وسلمى عادل وحسني حسان ونهلة خليل وأحمد شومان وحسام يس وزهرة إبراهيم.
ينطلق العرض من الوقت الراهن في منطقة رأس التين في مدينة الإسكندرية، حيث يعيش شاب وفتاة متحابّان ويتطلعان إلى الشهرة عن طريق الغناء في ذات البيت الذي كان يسكنه الشيخ سلامة حجازي في منتصف القرن التاسع عشر ويلتقيان مع باحثة متخصّصة في الموسيقى تحاول تصحيح مسارهما وتذكيرهما بقواعد وأصول الغناء وأهم رموزه، وفق ما نقلت وكالة «رويترز».
بعدها، يعتمد العرض أسلوب الفلاش باك أو الذهاب والعودة بين الماضي والحاضر، حيث تبدأ الباحثة الموسيقية في سرد سيرة الشيخ سلامة حجازي منذ مولده عام 1852 وحتى وفاته عام 1917 ورحلته الفنية التي شملت الإنشاد والتلحين والغناء والتمثيل المسرحي.
ومن خلال المزج بين الحوار والغناء مع استعراضات جماعية راقصة، يمرر المؤلف إلى الجمهور ومن خلفه الجيل الجديد من المغنين أصول الطرب والمقامات الموسيقية بشكل عملي على المسرح بأداء متميز للمطرب علي الهلباوي الذي يؤدي دور الشيخ سلامة حجازي في العرض.
ولا يقتصر العمل على سرد سيرة الشيخ سلامة حجازي فحسب، بل يعرض لأحوال الفن المصري نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين والعلاقات المتبادلة بين بطل العمل وكبار المطربين في ذلك الوقت أمثال عبده الحامولي ومنيرة المهدية.
وقال يسري حسان مؤلف المسرحية التي بدأ تقديمها أمس الأحد في قاعة صلاح جاهين في «مسرح البالون» لـ «رويترز»: «العرض يأتي بعد عدد من العروض التي تناولت سيرة الفنانين الملهمين والمؤثرين سواء في الموسيقى والغناء أو المسرح الغنائي المصري بشكل عام».
وأضاف: «من المهم جداً أن تكون هناك عروض تتناول سيرة الفنانين المؤثرين في مسيرة الفن المصري لكننا عندما فكرنا في هذا العرض تحديداً كان السؤال الملح هو.. لماذا نستدعي الشيخ سلامة حجازي الآن؟، هل هناك قضية يمكن الاشتباك معها من خلاله؟ فوجدنا أن انتشار ظاهرة أغاني المهرجانات من الممكن أن تكون خطاً موازياً ومتداخلاً مع سيرة الشيخ سلامة حجازي».
وتابع: «أردنا من خلال هذا الاشتباك أن نوضح نقطة مهمة وهي ضرورة الاهتمام بالكلمة، ضرورة الاهتمام باللحن، أهمية أن يكون لكل مهنة "أسطى" يمكن الرجوع إليه لنستفيد من خبراته وتجاربه، هنا كان الغرض من تقديم الشيخ سلامة حجازي كنموذج لفنان عصامي بدأ من الصفر وعمل في مهن متواضعة لكنه علّم نفسه وتعلم على أيدي شيوخ وموسيقيين وفنانين، حتى كان له ما أراد وأصبح رائداً للمسرح الغنائي المصري، فهو أول من قدّم المسرح الغنائي في مصر».
وكان يسري حسان قد أصدر عام 2020 كتاب «هتاف المنسيين... أغاني المهرجانات من العشوائيات إلى أولاد الذوات» عن «دار بتانة للنشر»، تضمّن كلمات عدد من هذه الأغاني مع تحليل لمضمونها وبحث في أسباب انتشارها وسط الطبقات الاجتماعية المختلفة.
وختم بقوله: «لا نطلب من الشباب أن يقدموا ما كان يقدمه الشيخ سلامة في عصره لكن أن يقدموا صوت عصرهم وفق أسس فنية تؤدي بهم إلى البقاء والتأثير مثلما بقي وأثّر هو».