ولوفرة التفاصيل في كلّ لوحة، فإنّ التأمّل فيها يستلزم وقفة طويلة لإشباع العين بالأشكال والألوان والمكوّنات. كولاج للعناصر يستدعي الإحساس والرغبة في اللمس، ما يضفي بعداً جديداً على قيمة اللوحة وتذوّقها. منمنمات غنيّة جداً مصمّمة بدقّة على الورق كخامة أساسيّة عوضاً عن القماش. ويتبدّى لنا تأثّر الفنانة بالفن الإيراني وزخرفاته ومنمنماته في المعرض الذي هو باكورة معارضها الفرديّة بعدما شاركت في العديد من المعارض الجماعية في العالم، ووجدت أعمالها طريقها إلى متاحف فنية في أميركا وفرنسا وهولندا وبريطانيا وكوريا.
فنّ ليلى مصفي ليس تلقائيّاً مستعجلاً، بل مصمّم بدقّة ومنفّذ بتقنية محكمة وذو اندفاعات مضبوطة، ما يحمّل كلّ لوحة هدفاً ومغزى. ورغم تعدّد المواد المستخدمة، إلّا أنّها تبدو في تناغم تام ونسيج موحّد. شرفةٌ في إحدى لوحاتها مثلاً، تدعونا إلى التدقيق في العمق والزوايا. نحن إزاء جماليّات من كل نوع: حدائق، قناطر، أزياء تراثية قديمة، حيوانات، خطوط هندسيّة صارمة، ثراءٌ لونيّ مدهش، وعنصر أنثويّ طاغ.
معرض مصفي متعة فنّية بصريّة فريدة، تفيد من التراث لرؤية حديثة معاصرة. تجلب القديم إلى الحديث وتعقد بينهما قراناً مدهشاً يأسر العين والإحساس، يفرض علينا طوعاً التوقّف مليّاً أمام كل لوحة، على عكس معارض كثيرة لا تستدعي منّا ذلك البتّة. إنّها الدقّة المفرطة وثراء التفاصيل اللذان يُضفيان على المعرض ميزته الفريدة التي لم نرَ مثلها منذ زمن. والمعرض يستحقّ التقدير بل التصفيق. علماً أنّ ليلى مصفي أستاذة فنّ التصميم في «الجامعة الأميركية في بيروت» التي التحقت بها عام 1992 وساعدت في إطلاق أوّل برنامج تصميم غرافيكي في المنطقة. وهي حالياً رئيسة كلّية الهندسة المعماريّة والتصميم في الجامعة. وكانت قد نالت درجة ماجستير في الفنون الجميلة والتصميم من «أكاديمية كرانبروك للفنون» عام 1981.