يتواصل إقفال «متحف باردو» في تونس منذ 25 تموز (يوليو) الماضي نتيجة تجميد مجلس نواب الشعب التونسي، ثم حلّه يوم 30 آذار (مارس). ومثّل حل المجلس أملاً في افتتاح متحف باردو من جديد الذي يمثّل أهم متحف في تونس وهو العامود الاساسي للمتاحف التونسية يعود انشاؤه إلى سنة 1888ويضمّ آثاراً تعود إلى 6 آلاف سنة. إغلاق المتحف كان بسبب وجوده في القصر نفسه الذي يضمّ مجلس نواب الشعب (البرلمان) وبدأت منذ أيام حملة في تونس على الفايسبوك دعت إليها الباحثة في «المعهد الوطني للتراث» هاجر الكريمي من أجل فتح المتحف الذي يدفع ثمن الخلافات السياسية في البلاد. وتسببّ هذا الإقفال القسري في خسارة مالية كبيرة لـ «الوكالة الوطنية لإحياء التراث والتنمية الثقافية» التي تعاني من عجز مالي بسبب تراجع السياحة وغلق متحف «باردو» طيلة حوالي ثمانية أشهر.
والمتحف من أعرق المتاحف العربية افتتح في البداية باسم «المتحف العلوي» (نسبة لحاكم تونس الذي كان يسمّى الباي) كما كان يسمّى في التعبير الشعبي بـ «دار العجايب». وكان في الأصل قصراً من قصور البايات (ملوك وأمراء البلاد قبل الحكم الجمهوري) ويضمّ مجموعات تعود إلى ماقبل التاريخ وكذلك آثار قرطاج البونية والرومانية والبيزنطية والمسيحية والعربية الاسلامية وفيه واحدة من أهم مجموعات الفيسفساء في العالم. إذ تملك تونس ثاني أكبر رصيد من الفسيفساء في العالم. كما يضمّ تراث البايات الحسينيين الذين حكموا تونس قبل اعلان الجمهورية.
ومع اقتراب الموسم السياحي، بدأت الأصوات ترتفع من أجل فتح المتحف الذي يمثّل الوجهة السياحية الأولى في العاصمة التونسية. إذ تنظّم له وكالات الأسفار رحلات يومية لاكتشاف تاريخ تونس، وقد تعرّض لهجوم ارهابي في 18 آذار 2015 خلّف عدداً من القتلى والجرحى من أوروبا واليابان. وتم تخليد أسمائهم في واجهة المتحف الذي استعاد جمهوره من السياح رغم العملية الأرهابية الغادرة.
اليوم، تمرّ ثمانية أشهر على غلق المتحف وتوقّف نشاطه، ولا أحد يستطيع تحديد متى يمكن أن يفتح أبوابه من جديد في ظل تواصل التجاذبات السياسية في البلاد سبب حلّ البرلمان.
فإلى متى ستدفع المعالم الثقافية ثمن الصراعات السياسية مثلما تعرّضت الكثير من المعالم في العالم إلى التخريب والتدمير بسبب الحروب؟