محبّو السيسي وحتى معارضوه تفهّموا تلك الأسباب العائدة إلى الوضع الأمني في مصر، واستمرار التهديد الذي تمثّله الجماعات الإرهابية الموالية للإخوان المسلمين. لكنهم لم يتوقّعوا أن يتسع الحظر ليشمل عدم ذهاب المشير إلى مدينة الإنتاج الإعلامي والظهور على الهواء مباشرة. لكن البعض رأى لاحقاً أنّ الأمر لم يكن أمنياً فقط، بل بسبب رغبة المشير وحملته في حساب كل كلمة تخرج منه. كل كلمة يجب أن تمرّ على «فلتر»، للصدق والحقّ والأمانة بحسب تعبير السيسي نفسه، وهو ما يفسّر عدم إجراء المرشح الأكثر حظاً لرئاسة مصر أيّ حوار على الهواء مباشرة منذ إعلان ترشحه.
حسناً، لن يتكلّم السيسي إلا بعد التسجيل ومراجعة ما قيل. لكن هناك في مصر 10 قنوات على الأقل تصنّف بأنها رئيسية، إلى جانب التلفزيون المصري. فهل سيجري المشير 10 لقاءات؟ سؤال طرحه الجميع، خصوصاً محرّري الفضائيات في ساعات الحملة الأولى، قبل أن يتضح أنّ الأمر مستحيل. الحوارات ستكون جماعية، والقنوات التي تتنافس للوصول إلى القمة لن تمانع في دمج بثّها من أجل الحصول على تصريحات السيسي المسجّلة. البداية كانت مع ontv مثّلها إبراهيم عيسى وcbc مع لميس الحديدي، وانتظرت القنوات المصرية أكثر من 10 أيام أخرى حتى التقى السيسي ثلاث قنوات هي: «الحياة» و«دريم» و«النهار»، مثّلتها لبنى عسل ووائل الابراشي وخالد صلاح. وكلا الحوارين تم بثّهما على يومين متتاليين. حسناً، أرضى السيسي 5 قنوات، فماذا عن الباقي؟
ظنّ الجميع أن الحملات الدعائية ستنتهي هكذا، قبل أن يوافق المرشّح على مقابلة 4 قنوات دفعة واحدة، والجديد هذه المرة وجود مذيعين لا مذيع واحد من كل قناة، وهي «التحرير» و«المحور» و«القاهرة والناس» و«صدى البلد»، أيّ إن المشير التقى في 3 حوارات فقط مع 9 قنوات و13 مذيعاً.
لم يجر أي
مقابلة مع التلفزيون الرسمي
الوضع كان مختلفاً بالنسبة إلى القنوات العربية. فقد سجّل السيسي مع «سكاي نيوز عربية» ومذيعة وحيدة هي زينة يازجي، ثم أطلّ مع «العربية الحدث» ومذيعة وحيدة هي نجوى قاسم، وإن كان الحوار الأخير لم يحظ بنفس دعاية باقي الحوارات المصرية والعربية. وسط ذلك، سعى التلفزيون المصري إلى التغطية على تجاهل السيسي له عبر نقل الحوارات التي أجراها مع القنوات الأخرى، وفعل «ماسبيرو» ذلك أيضاً مع حمدين صباحي، وإن كان الأخير أجرى حواراً مباشرة معه في بداية الحملة. إلا أنّ أحداً لم يتوقّع أو يملك تفسيراً لسبب تجاهل حملة السيسي إجراء أيّ حوار خاص مع تلفزيون الدولة أو الإذاعات. غياب التفسير يرجع دائماً إلى كون حملة المشير اعتادت منذ البداية عدم الإجابة عن الأسئلة الاستفسارات، والاكتفاء بتقديم المتاح لديها، لا ما يريده الصحافيون الذين يمثّلون الرأي العام بكل تأكيد.