ذلك الصفر العظيم

  • 0
  • ض
  • ض

هناك جراح لا تلتئم، وسيبقى يحوم حولها الكواسر ومصاصو الدماء، وتجار القهر، وسماسرة الكوارث الذين سنسمعهم كثيراً في الأيام المقبلة. هناك جراح لا تقال، وكارثة مرفأ بيروت واحدة منها، بل أبرزها وأعظمها! كارثة بلا قرار. مثل هيروشيما وناغازاكي، مثل تشرنوبيل وفوكوشيما، ستبقى محفورة في الوجدان الوطني، والإنساني، بعد أن يمر وقت كثير، ويعود أنبياء «الإعمار» و «الحوكمة الرشيدة» الى الواجهة. ستتناقلها الأجيال عبئاً فظيعاً، لا تخف وطأته مع تقادم الزمن. لأن روح الأمة هي التي طعنت في الصميم، من خلف الشهداء والجرحى والأهل المفجوعين، والمشردين والمنكوبين، بدليل عجزنا عن الاتفاق على مجرم. دوي الانفجار عرّى نهائيّاً أكذوبة الوطن الذي نتغنّى به كالببغاوات منذ كتاب القراءة وأغنيات الطفولة. عام بعد الانفجار الخرافي، نصغي، فنسمع صمتاً مدوّياً خلف نعيق الطفيليين والمنافقين. هناك كل الذين لن يتكلموا، وهم بالملايين. لا شيء يوازي هذا القهر. نلتفت صوب المرفأ، عنوان الأعجوبة الاقتصادية اللبنانية سابقاً، فنتيقّن من أن لبنان القديم كلّه تهدّم في الرابع من آب، ولم يبق إلا ذلك الصفر العظيم.

0 تعليق

التعليقات