بعد إقدام «البرلمان الاتحادي الألماني» على تمرير قرار (غير ملزم) يصف «حركة مقاطعة إسرائيل وسحب الاستثمارات منها وفرض العقوبات عليها» (BDS) بـ «العنصرية ومعاداة السامية»، ويدعو إلى محاصرة نشاطها، قامت مجموعة من «نشطاء التضامن مع نضال الشعب الفلسطيني في ألمانيا» (BT3P) برفع دعوى قضائية ضد البرلمان، واعتبار قراره عنصرياً ويتناقض مع قواعد الديمقراطية وحرية التعبير المكفولة في الدستور الألماني، ويظهّر بالتالي مدى تورط البرلمان الألماني في التغطية على جرائم الاحتلال ومحاولته وقف نشاط الحركة الفلسطينية التي لها امتدادات عالمية، نتيجة الضغط الصهيوني عليه. أحد نشطاء الحملة، المحامي أحمد عابد، أوضح أنّ الدعوى رُفعت أمام «المحكمة الإدارية للدفاع عن حرية التعبير لجميع نشطاء حقوق الإنسان» في برلين، بعد أن أقرّ البرلمان هذا القرار وأضحى ساري المفعول في جميع أنحاء ألمانيا، بغية حرمان نشطاء حقوق الإنسان الفلسطينيين من استخدام المرافق العامة أو الحصول على التمويل. وأكد عابد أنّه بتعريف حركة المقاطعة على أنها «معادية للسامية»، فإنّ الهدف ليس فقط النشطاء المناهضين للفصل العنصري ولكن جميع الفلسطينيين في ألمانيا. في سياق متصل، من المقرّر صدور الحكم بشأن دعوى رُفعت في ميونخ، والمتعلقة بمنع دار البلدية هناك، الأسبوع الماضي، نشطاء حركة المقاطعة من استخدام قاعتها العامة لإحياء أحد أنشطة أسبوع مناهضة الأبارتهايد تحت عنوان «الأبارتهايد الإسرائيلي والتواطؤ الألماني».
من جهته، لفت كريستوفر غلانتس، أحد المترافعين في القضية، إلى أنّ «التقاضي الاستراتيجي فعّال للغاية في توسيع المجال العام للقضية الفلسطينية». وبدورها، عبّرت المحامية جوديث برنستين عن سعادتها لكونها تشكل جزءاً من فريق الترافع ضد البرلمان الألماني، لأنّ برأيها القضية الفلسطينية عادلة، وحان الوقت «الحاسم» بالنسبة إلى الفلسطينيين الذين احتلت أرضهم وشُيدت على أنقاضها المستعمرات غير الشرعية، وواجهوا التطهير العرقي المستمر والإذلال اليومي والتعذيب والقتل، ودعت إلى إيقاف: «كل هذه الأمور التي لا تطاق».
خطوة البرلمان الألماني لم تكن الوحيدة، فقد سبقتها الولايات المتحدة التي مرّرت قرارات مماثلة في أكثر من 26 ولاية من شأنها قمع نشاط حركة المقاطعة بصيغ مختلفة، عبر استخدام مصطلحات ومفردات غير مباشرة مثل وقف التمويل الحكومي عن الهيئات التي تدعم حركة المقاطعة، أو تنضمّ إليها، أو إلى إحدى حملاتها. كما وسمت الحركة بأنّها «معادية للسامية».
وفي فرنسا، أقرّت «المحكمة العليا الفرنسية» تجريم الدعوة لمقاطعة البضائع الإسرائيلية، الأمر الذي دفع بشركاء الحركة في البلاد إلى رفع دعوى قانونية ضدّ المحكمة العليا في «المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان»، والتي بدورها أقرّت بأنّ نشاطات حركة المقاطعة مكفولة بقوانين حماية حرية الرأي والتعبير، وأنّ قرار «المحكمة العليا الفرنسية» يُعدّ «انتهاكاً للاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان».