إلى جانب عملها كطبيبة، بقيت الكتابة أداة أساسية أخرى لنوال السعداوي لمقارعة السلطة الدينية والسلطات السياسية والموروثات الاجتماعية المفروضة على النساء في المجتمعات العربية، أهمّها العلاقة الراسخة ما بين السلطة السياسية والبطريركية. تجاوزت مؤلفاتها الـ 50 كتاباً في تجربة غزيرة كتبت فيها القصّة والرواية، والمقالات والمسرحيات والسيرة الذاتية والكتب النقديّة والفكرية التي استفزّت القراء المحافظين وهزّت وعيهم. هكذا تلقّت دعاوى كثيرة بسبب مؤلّفات مثل مسرحيتي «الإله يقدّم استقالته في اجتماع القمّة»، و«الحاكم بأمر الله» (1984)، بالإضافة إلى تهديدات بالقتل عن أعمال انتقدت فيها موقع المرأة في الدين الإسلامي وأغلاله. لم تبتعد مؤلّفاتها عن قضايا المرأة، وخصوصاً في نضالها لنيل حقوقها السياسية والإنسانية. مؤلّفات حافظت فيها على مقارباتها العلمية وتجربتها كطبيبة كما في أشهر كتبها «المرأة والجنس» (1972) الذي شرّحت فيه جسد المرأة علمياً لنقض الأعراف والتقاليد المتعلّقة بغشاء البكارة والختان. في هذا السياق، أصدرت أيضاً «الرجل والجنس» (1973) ثم «الأنثى هي الأصل» (1974) و«المرأة والمرض النفسي» (1978) حول علاقة بعض الأمراض النفسية بالنساء، بالإضافة إلى مؤلفات لاحقة مثل «توأم السلطة والجنس» (1999). في تجربتها مع القصّة القصيرة والرواية، ظلّت تقف كشاهدة على حيوات النساء المصريات والعربيات. بعثت تحدياتهن اليومية في روايات مثل «امرأة عند نقطة الصفر» التي حقّقت لها شهرة عربية وعالمية بانتقالها إلى 40 لغة، وروايات أخرى مثل «امرأتان في امرأة» (1975)، و«أدب أم قلّة أدب» (1998). قاتلت السعداوي واستفزّت وناضلت على جميع الجبهات. كان عليها أن تواجه الأصوليات الدينية، والأوساط الثقافية المصريّة على السواء، وخصوصاً أنها كانت دائماً تسعى إلى محاربة ازدواجية الفعل والقول. وما يميّز تجربتها الفكرية هو أنها كانت نموذجاً حيّاً عن الارتباط الجذري ما بين النضال النسوي والنضال السياسي. ففي سنة 1981، اقتيدت إلى السجن في عهد أنور السادات، وكتبت عن تلك التجربة في أحد أبرز مؤلفاتها «مذكّراتي في سجن النساء» (1982)، وثّقت فيه مشاهدات وقصصاً وتجارب في مذكّرات هرّبتها على مناشف ورقية من داخل السجن.
اشترك في «الأخبار» على يوتيوب هنا