زينة جرادي في عوالم الأمومة الموجوعة

  • 0
  • ض
  • ض
زينة جرادي في عوالم الأمومة الموجوعة
تضيء الرواية على قساوة المجتمعات الشرقية في سلبها للأمومة

أنوثة مظلومة، وأمومة مسلوبة، بهذه العبارات يمكن اختصار باكورة أعمال الصحافية زينة جرادي الروائية «سجينة بين قضبان الزمن» (دار المؤلف). في هذه الرواية، تغوص بنا الكاتبة في عوالم الأمومة، التي تكبّلها العادات الشرقية، وتخرج قصة متخيلة لامرأة ظلمها قدرها، إذ سلبها مراهقتها وأجبرها على العيش مع رجل قاس، لتتحمّل في ما بعد أعباء حرمانها من طفلها. تجري أحداث الرواية في القارة الأفريقية، بعد تزويج «الهام» (16 عاماً) لعدنان، وانتقالها الى هناك، حيث أجبرها زوجها على ملازمة المنزل، وعدم الإختلاط مع أحد، إذ تستفيض الكاتبة هنا، في وصف معاملة الزوج القاسية والخالية من أي انسانية تجاه زوجته. تصبح حاملاً بطفلها، ويشكل هذا الحدث منعطفاً أساسياً في الرواية، إذ يلجأ «عدنان» الى طرد «الهام» من منزلهما بعدما خالفت أمره وخرجت من البيت بحثاً عنه، وإذ به يحرمها من طفلها المولود حديثاً، لتبدأ هنا، رحلة المعاناة في جغرافيا غريبة عن الصبية اللبنانية، وضمن عائلات تجهل «الهام» كيفية التعاطي معها، وتجبرها في بعض الأماكن على دفع ثمن أنوثتها التي ذهبت نتيجة حرمانها من ابنها أدراج الرياح. هكذا، تنتقل بنا، الكاتبة، بين منازل كثيرة، سعت البطلة الى الذهاب اليها طلباً للعمل في التنظيف ورعاية الأولاد، الى أن تصطدم بمحاولة صاحب المنزل استمالتها جنسياً، فتضيق بها السبل هنا، وتحاول بأي طريقة ايجاد عمل آخر، لتجميع مبلغ كبير طلبه زوجها منها، مقابل الحصول على ابنها. وعن طريق المصادفة، تلتقي بشاب يدعى «بلال» الذي يرشدها الى منزل والدته التي تقطن وحيدة وتحتاج الى رعاية. وهنا، تبدأ قصة أخرى، حملت أملاً للبطلة، في ايجاد الأمان في منزل «أم بلال»، ونشوء علاقة ودية بينهما، الى حدّ ترك الأخيرة مبلغاً كبيراً من المال بعد وفاتها، لمساعدة «الهام» على تحصيل المبلغ المطلوب. في هذا المنزل، تستعيد البطلة أجواء عائلية حميمة حرمت منها البطلة، من خلال اجتماع اسرة «أم بلال» في منزلها، او اتيان ابنتها من بيروت لقضاء الصيف مع والدتها. وهنا، يحصل تواصل أيضاً بين «الهام» وذويها، المقطوع منذ زواجها وسفرها الى القارة الأفريقية، من خلال رسائل مشتركة توسط من خلالها أبناء السيدة المسنّة. في نهاية الرواية، تجمع الكاتبة ما بين انتصار البطلة في الاستحصال على حضانة ابنها الصغير، من خلال دفع المبلغ الذي طلبه زوجها، وكذلك على الطلاق، بعد مساعدة محام لها، وما بين النهاية التراجيدية، التي تنتهي بنا، في بيروت. نهاية مأساوية عبّرت عن قساوة الحياة حيال هذه المرأة، وخسارتها ابنها الوحيد بعد معاناة طويلة من الحرمان، الا أنّ الكاتبة لا تشأ هنا، اقفال الأحداث على ستارة سوداء بل تفتح كوّة أمل مع ايجاد البطلة شريك حياتها وبدء حياة جديدة معه.

0 تعليق

التعليقات