رحل هذا الأسبوع عازف الساكسوفون هال سينغر. الرجل غير معروف بشكل واسع في عالم الجاز وموسيقى السود عموماً، لكن يمكن اعتباره عميد الموسيقى الأفرو أميركية، إذ صَدَق مَن تمنّوا له «المئة» في كل مرّة احتفل فيها بعيد ميلاده، فعزم على الرحيل بعدما حقق أمنية أحبائه. سينغر المولود عام 1919، عايش التيارات الموسيقية كافة، منذ عصر السوينغ، حيث كان عضواً في الفرق الكبيرة لرموز الجاز في تلك الحقبة، أبرزهم دوك إلينغتون.بعدما نجا من إحدى أكبر المجازر العرقية بحق السود في ولاية أوكلاهوما وهو لم يتجاوز السنة ونصف السنة، اتجه نحو الموسيقى، فأتقن آلات عدّة قبل أن يتبنّى الساكسوفون (تينور) كآلة أساسية سيرتبط اسمه بها طوال عقود، في مجال موسيقى الـ R&B بشكل خاص.
أول نجاحاته كان ألبوم Cornbread في عام 1949 الذي تلاه مشروع تأسيس فرقة جاز كبيرة خاصة به، رافقت كبار الأسماء في مجال الغناء الأسود، أبرزهم الراحلان راي تشارلز وداينا واشنطن. في أواسط الستينيات، سافر إلى باريس في جولة موسيقية، لكن عاصمة الأنوار سحرته فقرر البقاء فيها والعمل في أوروبا التي كانت قد ازدهرت فيها موسيقى الجاز وروافدها. أقام جولات عدّة في القارة العجوز وسجّل مع أصحاب التجارب الأوروبية التي قدّمت مساهمتها في موسيقى السود الأميركية، بالإضافة إلى إصدار ألبومات خاصة أبرزها Paris Soul Food عام 1969.
مع تقدّمه في العمر، اقتصر نشاط هال سينغر على مشاركات متفرقة في مشاريع موسيقية، في حين استعاد مسيرته الطويلة أمام كاميرا المخرجة غيتي فيلين التي أنجزت عنه عام 1990 وثائقياً شاملاً بعنوان Keep the Music Going.