هرب بيوتر بافلنسكي من روسيا قبل سنوات طالباً اللجوء السياسي في فرنسا، بعد صدور سبعة أحكام بالسجن ضدّه في بلده. لكن الفنان الروسي المشاكس، الذي عرف بأعماله الأدائية الراديكالية، بات يزعج فرنسا اليوم، ويشغل سياسييها وإعلامها. لم يكن قد مضى أشهر على قرار سجنه بسبب إشعال واجهة البنك الفرنسي في ساحة الباستيل في باريس، حتى نشر بافلنسكي قبل أسبوع مقاطع فيديو جنسية ورسائل خاصة لمرشّح حزب «الجمهورية إلى الأمام» للانتخابات البلدية لباريس في آذار (مارس) المقبل بنجامين غريفو، ما أدى إلى سحب ترشيحه فوراً.بينما علت أصوات معترضة على «أمركة» الانتخابات الفرنسية، إلا أن بافلنسكي يستكمل ممارسة فنية شهيرة في الفن الأدائي، التي يستخدم فيها الفنانون أجسادهم للتعبير عن موقف سياسي معارض. في الستينيات، قام فنانون نمساويون بعرض أدائي استخدموا فيه دماءهم وبولهم للتذكير بماضي البلاد النازي، فيما قام الفنان الأميركي كريس بيردن بتلقي رصاصة في كتفه في السبعينيات اعتراضاً على الحرب الأميركية على فيتنام. يقوم بافلنسكي بدفع الفنون الأدائية إلى أماكن متطرّفة وخطيرة، خصوصاً أن نتائج عرضه للفيديو انعكست بشكل مباشر على الانتخابات البلدية في فرنسا. على موقعه الإلكتروني الجديد «بورنو سياسي» (Political Porn) الذي توقف عن العمل الآن، وعد بافلنسكي بنشر فضائح عدد من السياسيين الجنسيّة. سيعتبر كثيرون أن نشر فيديو جنسي، هو تعدّ على الحرية الشخصية للسياسيين، تماماً كما اعتبر حلفاء الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أنها مؤامرة ضدّه وضد مرشحي حزبه. لكن، من وجهة نظر أخرى، قد يكون هذا الفن قد ضاق ذرعاً بالبقاء في مساحته الآمنة تحت أعين الناظرين. إنه الفن وقد اقتلع الجدران الذي تفصله عن الفضاء السياسي والاجتماعي الفعلي، مستخدماً سلطة أخرى على رجال السلطة.
قبل يومين، ظهر الفنان الروسي في مقابلة على قناة «سي. أن. أن.»، أوضح فيها أنه لم يكن يهدف إلى التعدّي على حرية غريفو الشخصية، بقدر ما كان يسعى إلى تظهير كذب حياة السياسيين وازدواجيتها، خصوصاً أن غريفو كان قد صرّح عن أهمية العائلة مراراً. بافلنسكي الذي عبّر عن سعادته بردّ الفعل الشعبيّ، أصرّ على تسمية عمله «فناً سياسياً»، قائلاً إن موقعه الإلكتروني «كان يفترض أن يكون مساحة لمشاهدة بورنوغرافيا أبطالها من السياسيين ورجال السلطة. إنه بورنوغرافيا، إنه فن سياسي»، علماً بأن الفيديو كان قد أرسله غريفو إلى صديقة مشتركة بينه وبين بافلنسكي تدعى ألكسندرا دي تاديو. وقد احتجزت دي تاديو وخضعت للتحقيق مع بافلنسكي السبت الماضي، فيما تمّ وضعهما تحت التحقيق الرسمي بتهمة انتهاك الخصوصية، رغم أن بافلنسكي أعلن أن لا علاقة لدي تاديو بالأمر، لأنه هو من قام بسرقة الفيديو من كومبيوترها الخاص.