صُدم محبو الراقص الكوريغرافيّ الأميركيّ بول تايلور (1930_ 2018) بنبأ رحيله أمس، طاوياً بذلك مسيرة حافلة بالإنجازات والعروض التي أهلته لترك بصمة مميزة في مجال الرقص المعاصر. الجسد الذي عصف به الفشل الكلويّ على حين غرة، كان قد أشعل بجرأته وديناميكته مسارحاً ومنابر عديدة امتدت من مسقط رأسه حتى سائر بلدان العالم طيلة 88 عاماً، ليستحقّ صاحبه بذلك لقب «آخر جبابرة الرقص المعاصر في القرن العشرين». مذ بزوغه الفني الأول عام 1955 متبوئاً فرقةً راقصة أشرف بنفسه على تشكيلها، برزت موهبة تايلور في تصميم الحركات. بعدها، عمل منفرداً في «مؤسسة مارثا غراهام للرقص»، ما أفرد له فرصة الاشتغال مع أسماء فنية بارزة كَدوريس هامفري، تشارلز وايدمان، خوسيه ليمون وجيرومي روبينز. كذلك، استطاع تايلور بحرفيته اللافتة تتويج رقصاتٍ لـ« أبي الرقص الأميركيّ» جورج بالانشين، تزامناً مع مساهمته في تأسيس «مركز نيويورك لرقص الباليه»
لم تنأَ أعمال أيقونة الرقص الأميركية عن الطابع الإبداعيّ اللاذع، بالأخص في عرضيْ Duet (1957) حيث اختار أن يجنح مع عازف البيانو المرافق له إلى الهمود الحركيّ التام، و Epic الذي أنجزه مرتدياً بذلةً رسمية بدل الاعتماد على ملابس الرقص الاعتيادية. إلا أنّ تايلور الذي شاء أن يقارع كل أشكال الرقص الكلاسيكيّ، تمكن لاحقاً من تحقيق نجاحات مطردة، استُهلت برائعته Aureole عام 1962، واستُكملت بعرض Orbs (1966) التي وصفتها صحيفة «نيويوركر» الأميركية بأنها «تفكّر ملحميّ بالحياة، والموت والكون».
بعدما آثر الاعتزال الفنيّ في عام 1974، قرر تايلور تشييد مشروعه الخاص عبر «مؤسسة بول تايلور للرقص» التي لا تزال تحظى برواج هائل بين رواد الرقص وهواته، خصوصاً خلال عرضها السنوي «فصل تايلور». أما في عام 2015، فقد تحولت سيرة الراقص المتقاعد إلى فيلم وثائقي من إخراج الألمانية كايت غيس تحت مسمى «بول تايلور: الميدان الخلاق». هنا، عمدت غيس إلى سرد أبرز المقتطفات من مسيرة الرجل، كاشفةً النقاب عن ثنايا حياته الشخصية وعلاقاته التفاعلية مع زملائه الراقصين، كالمايسترو مارثا غراهام، ميرسي كونينغهام، جورج بالانشين والبريطانيّ أنتوني تودور.