في عام 1956، ناشد إرنست همينغواي (1899 ــ1961) الناشر المسؤول عن توزيع أعماله بنشر خمسة كتب له بعد رحيله، وجاء في الرسالة: «قد تكون هذه القصص سخيفة إلى حد ما، إلّا أنّني أجد بعضها مضحكاً… على أي حال، تستطيع أن تنشر جميعها بعد وفاتي».اليوم، وبعد ما يقارب ستة عقود على رحيل الكاتب الأميركي، أمست رواية A Room on the Garden Side (عام 1956)، وهي واحدة من روائع همينغواي التي حجبتها مكتبة جون كينيدي الرئاسية في بوسطن عن العامة لسنين طوال، متاحةً لجميع الراغبين بعدما قامت مجلة Strand الأميركية بنشرها على موقعها الإلكتروني، للمرّة الأولى على الإطلاق.
وقد استهلت المطبوعة الأدبية بيانها بـ: «ستقدم مجلتنا في عددها الخمسين بكل فخر قصة غير منشور لهمينغواي»، طارحةً من بعدها تساؤلاً حول دور الأدب الفرنسي في «انتشال البشرية من الفظائع المُرتكبة في الحروب»، وفق ما ذكرت صحيفة «واشنطن بوست» الأميركية. وتأتي الرواية المنشورة حديثاً لتلتحق بسائر الروايات التي ظهرت للعلن بعد أعوام من لقاء كاتبها حتفه، كـ «وليمة متنقلة» (1964) و«الصيف الخطير» (1985).
كما غالبية مآثره، يتوقف عمل همينغواي الوجيز الذي حظي بحفاوة عارمة من قبل كثيرين من مختلف أقطاب العالم، عند الحروب وتبعاتها، ليصوّر قصة جنود منهكين بفعل الحرب العالمية وقابعين في فندق «ريتز» الباريسي، وما اكتنزته حواراتهم من مضامين جدلية كالصراعات، والشعر، والرومانسية.
تجدر الإشارة إلى أنّها ليست المرة الأولى التي تتبدّى فيها التأثيرات النفسية للحربَيْن العالميتَيْن على الروائي الأميركي بعيد معايشته لهما. فهو غالباً ما ينحاز إلى تجسيد المنعطفات العنفية التي شهدتها البشرية، بالإضافة إلى تركيزه على علاقة الإنسان بالطبيعة وقدرته على مواجهتها، كما جاء في كلاسيكيته الشهيرة «العجوز والبحر» (1951) والتي نال بفضلها جائزة نوبل للآداب في عام 1954.