لطالما كانت افلام الخيال العلمي وبالتحديد أفلام الابطال الخارقين ضمنها، محط اهتمام لمحبي السينما والافلام في العالم. يبقى الهدف الأهم إرادة الحصول على تلك المراكز وتلك القوى وتلك المكانات. فتتحول الى حاجة، حاجة التشبه بهم لارضاء النفس عند المتابعين. بغض النظر عن الفشل الذريع الثاني الذي حققه فيلم «رابطة العدالة» بعد «فجر العدالة» (اخراج زاك سنايدر)، فإن الفيلم مُنْتَظَر من قبل المتابعين، وكان ابعد فيلم عن «لمسات» زاك الاخراجية (ربما لتركه الفيلم بعد انتحار ابنته)، الا ان التزام سنايدر بمبادئDC لاظهار قوة وحكمة وعطف الابطال كان ثابتاً دائماً لمحاولة إنجاح «السلسلة».
أبرز خطوات نجاح هذه الأفلام، هو اقناع المشاهد بـ «الخرافات» والأحداث التي يراها أمامه ويجعلها مبرّرة، عبر اعطاء اسباب «سفسطائية» ومفبركة كقوة «الرجل الوطواط» (أداء بن افليك) من خلال الابحاث والتجارب العلمية المتطورة التي اتيحت له جرّاء ثروته الكبيرة، او خلق سبب لقوة «الرجل الخارق» (أداء هنري كاڤل) وهو وجود الشمس التي يستمد القوة منها (الرجل الخارق هو فضائي من كوكب آخر)، حتّى «المراة الخارقة/ الرائعة (لغوياً)» (أداء الصهيونية غال غادوت) التي تستمد قوتها من الالهة الاغريقيين (اليونانيين). والخطوة الثانية هي خلق رابط عاطفي مع المشاهد واثارة مشاعره وتعاطفه مع «الشخصيات»، فنرى عند كل فيلم أنّ البطل «مقطوع من شجرة» (يُقتل والدا «الرجل الوطواط» / بروس واين أمام ناظريه، ينشأ «الرجل الخارق» / كلارك كنت بالتبنّي بعد دمار موطنه «كريپتون» و«المرأة الخارقة»/ غال غادوت التي تبادر بمغادرة وطنها وتركه للدفاع عن «أميركا»). هذه القوى «المبررة والاحساس بالتعاطف مع هؤلاء الشخصيات يولّد اندفاعاً لدى المتابعين والمشاهدين بالتشبه بهم. لكن، مهلاً، يقال إنّ السينما هي ثقب اسود، ما ان دخلته حتى علقت فيه ولا رجعة منه الا بعد انتهاء الفيلم، الذي بدوره زرع الفكرة، والتي تعد «احياناً» اشدّ فتكاً من أي مرض منتشر ومعدٍ. وما إن انتشر التعلق بالشخصيات، فلن يقوى القيد ولا العلاج على الفكرِ. وعلى الارجح، فان تقبل هكذا افكار وأفلام يأتي نتيجة الفراغ السينمائي في وسطنا الفني وعدم وجود البديل لاشباع وملء محور صناعة الافلام عندنا. ولن ينحصر هذا التعلق بالشخصية «الخرافية»، بل سيتعدى الى نفس مؤدي الدور التمثيلي لهؤلاء «الأبطال». فهل سنرى محاولة التشبه ببن افليك؟ ام التشبه بأزرا ميللر ابن اليهودي الاشكنازي «ماثيو»؟ وهل نرى يوماً ما، محاولات للتشبه بغال غادوت التي شاركت في العدوان الاسرائيلي على لبنان عام ٢٠٠٦، متخطين التطبيع الثقافي بأشواط؟

* مخرج لبناني