باريس | في غضون من 15 سنة، فرض معرض Art Paris Art Fair نفسه كأحد الأحداث الفنية الأساسية ضمن الربيع الباريسي. هذا المعرض المتعدد الاختصاصات والمحلي والاوروبي والعالمي الكوزموبوليتي والاقليمي والدولي في آن، إنما يجذب كل سنة معجبين جدداً من خلال هذا المزيج من الهويات.بين 31 آذار (مارس) و3 نيسان (أبريل) 2016، أقيم المعرض الذي كرّم للسنة الثانية على التوالي دولة آسيوية هي «كوريا، بلاد الصباح الهادئ». وإذا كان نجاح Art Paris يظهر دينامية سوق الفن الباريسي المعاصر، فإن المفوض العام، غيّوم بيان، حاول إضفاء الطابع الديمقراطي على الفن المعاصر في مشروعه الاستثنائي. وبهدف هدم «الجدار الباريسي»، ذهب للقاء الغاليريهات الفرنسية في مختلف المناطق، وشجعها، فيما ينفتح على العالم عبر استقبال 143 صاحب غاليري من 20 دولة مختلفة. وكل سنة، تشارك بلدان جديدة في المعرض مثل أذربيجان وكولومبيا وإيران التي شارت في هذه الدورة.
في هذا المعرض الاستثنائي، حاول غيوم بيان «الخروج من الاتجاه العام والانتظام الرتيب" مع تسليط الضوء على الفنانين العارضين. وكما جرت العادة، يحلّ أحد البلدان ضيفاً على المعرض، وهذه المرة حان دور كوريا، بإشراف وتنظيم المفوضة سانغ-آ تشان ومن خلال 8 غاليريهات مشاركة.
الفن الكوري يعكس الخضات التاريخية ويجري فيه شريانٌ اجتماعي وسياسي: هو شاهد على نهاية الاحتلال الياباني الذي استمر طويلاً، وحرب كوريا سنة 1953، وانفصال الكوريتين، والحدود التي تستجوب الفنانين. ويعود الفنانون الكوريون إلى الهوية الكورية الممزقة بين الشمال والجنوب. هكذا، نجد كبار الفنانين من حقبة الستينيات الذين ناضلوا ضد الدكتاتورية، وفناني الجيل الجديد. إلى جانب البعد الكوني للفن الكوري، واستغلال المادة، أو الشامانية والتداخل الحميم بين الكائن الحي والطبيعة، تبدو الحدود بين الكوريتين الأكثر إثارة للصدمة مع حائط صاحب الموهبة الناشئة كيوون بارك المعروض عند مدخل القصر الكبير
Grand Palais وهو حائط يتحدث عن الجرح ولكنه يأمل في السلام بما أن الزائر يستطيع اجتيازه.
وفي هذا المكان الكبير والواسع، تخوض بعض الغاليريهات تحدياً كبيراً من خلال المعارض الخاصة الفردية التي تنظمها. هكذا، تسمح مجموعة من عشرين معرضاً فردياً للزائر بإلقاء نظرة أكثر حميمية على الفنانين.
أما بالنسبة للأعمال العربيّة - الإسلاميّة في المعرض، فهي تعكس بشكل مباشر الوضع الإجتماعي السياسي في بلادها كأعمال فادي يازجي مثلاً (غاليري تانيت)، الذي اختير عن فئة "سولو شو" (العرض المنفرد)، وعُرضت في باصات "اير فرانس"، شركة الطيران الفرنسي.
وكما اعتدنا، عند كلود لومان نعيد اكتشاف الفنانين الكلاسيكيين العرب الكبار، الجيل الأول منهم كايتيل عدنان، شفيق عبود، أدونيس، والجيل الثاني مع أسادور وبنائيته، والسوري يوسف عبدلكي (يقدم هذا العام عملاً فرحاً من حقبة ما قبل المأساة السورية) والعراقي ضياء العزاوي الذي يعلّق له كلود لومان سلسلة من 12 رسماً وتفسيراً بيانيّاً لسبع قصائد من الجاهلية على الحائط الجنوبي من المعرض حيث تظهر الأعمال أكثر للجمهور.
يعرض أيضاً لومان لفنانَين سوريَّين هذا العام، الرسام عبدالله مراد والمصوّر نصوح زغلول. تشهد أعمالهما على المأساة السورية؛ فمراد الذي لا يحبّ أن يثقل لوحاته، قد أخرجها من صمتها ورسم المصيبة التي حلّت ببلاده. أمّا زغلول، فيشهد بالأبيض وبالأسود، على الجرح السوري المفتوح.
وأخيراً في هذه الزيارة غير الشاملة، جذبنا عمل الإيرانية نيلوفار باليسادار (الصورة) في «غاليري 55 بيلشاس». يتناول العمل الحجاب ويتجاوزه عبر الكشف عن البطن وحجب الوجه. هكذا عبر جسدها، تضع الفنانة المحجبات خارج إطارهنّ في وضعيّات غير اعتياديّة، حاملات عبوة مشروب، أو جالسات على الدراجة النارية أو حتّى كأجساد شبه عارية مغطّاة بالطلاء.