المفكّر السوري صادق جلال العظم الذي غيّبه المرض في برلين، أحد أبرز المشتغلين على تجديد الفلسفة العربيّة في القرن العشرين. بدأ رحلته النقديّة في قلب «النكسة»، مع «النقد الذاتي بعد الهزيمة» الذي سيؤرخ رسميّاً لولادته كاتباً ومفكراً.
وها هو يرحل في أزمنة داكنة، بعدما تعممت الهزائم، لتترك لنا الخيار بين أشكال مختلفة من الاستبداد والتبعيّة والانحطاط. الإفراط في التفاؤل «الثوري»، أخذ ابن الماديّة التاريخيّة إلى خيارات مقلقة، نتجاوزها اليوم ونحن ننحني أمام الباحث الذي قدم قراءة نقدية لنصوص الفلسفة الحديثة من منظور التقدم والصراعات الاجتماعيّة. ونحيّي مثقفاً شجاعاً من طينة نادرة نفتقدها اليوم، لم يتردد في مواجهة المحظورات، منذ كتابه «نقد الفكر الديني» الذي هزّ بيروت العام 1969، وصولاً إلى «ذهنيّة التحريم» و«ما بعد ذهنيّة التحريم» (1997)، وفيهما يدافع عن حقّ سلمان رشدي في الكتابة والخيال.